أثارت انحناءة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أثناء السلام على خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على هامش أعمال قمة العشرين في لندن الكثير من الجدل.. خاصة داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية، التي قال بعض وسائلها الإعلامية إن الأمريكيين لم يتعودوا انحناءات سابقة لرؤسائهم أمام رؤساء دول أخرى، وأعطت انطباعاً من أن أوباما أعلن إخلاصه للإسلام عن طريق هذه الانحناءة. على أن العرب لم ينظروا إلى انحناءة أوباما إلا كونها تعبيراً عن احترام الرجل لمن قابله، بل إن البعض ذهب للإشارة إلى أن فارق الطول بين الرجلين هو ما دفع أوباما إلى الانحناء أمام العاهل السعودي في أول لقاء يجمعهما كزعيمي دولتين كبيرتين. وقد ترافق ذلك مع استطلاع للرأي في الولاياتالمتحدة أشار إلى أن أكثر من 10 في المائة من الشعب الأمريكي يعتقد أن الرئيس باراك أوباما «مسلم» الديانة. مع أن الرجل نفى أكثر من مرة أن يكون مسلماً، على الرغم من أنه حرص على ذكر اسم "حسين" أثناء تأديته القسم كرئيس للولايات المتحدة أثناء تنصيبه في شهر يناير الماضي. ليس مهماً أن ينحني أوباما أو لا ينحني؛ فهذه مسألة تعود إلى طباعه كشخص، وإلى الأخلاق التي يتمتع بها الرجل، المهم أن يجسد عملياً انحناءة للسياسة الأمريكية في مجال التعامل مع دول العالم. فالولاياتالمتحدة منذ تولي الرئيس جورج بوش الابن مقاليد الحكم في هذا البلد الكبير حوّل الإعجاب بالولاياتالمتحدة إلى كُره مزمن. ورأينا كم أن المواطنين في مختلف دول العالم أعربوا عن ارتياحهم لمغادرة هذا الرئيس البيت الأبيض، إذ أنه لم يترك سوى الذكريات السيئة لدى شعوب العالم، وحتى لدى الشعب الأمريكي نفسه. وهناك فرق بين انحناءة أوباما لأداء التحية احتراماً للعاهل السعودي؛ والانحناءة التي أرغم عليها الرئيس السابق جورج بوش الابن أمام الحذاء الطائر للصحافي العراقي منتظر الزيدي أثناء زيارته الأخيرة للعراق، فشتان بين الانحناءتين. فالأولى منحت الرجل، وهو هنا باراك أوباما، تقدير الناس لاحترامه الآخرين، والثانية منحت الرجل، وهو هنا جورج بوش الابن الخزي والعار، اللذين سيظلان يلاحقانه مدى حياته. على أنه يجب علينا أن لا نعلّق كثيراً على انحناءة أوباما لرسم تغيير في سياسة واشنطن تجاه العرب وتجاه فلسطين بالذات. فعلى الرغم من أن الأشخاص يلعبون أدواراً بهذا القدر أو ذاك، إلا أن القرار في البيت الأبيض تصنعه مؤسسات نفتقر إليها في عالمنا العربي. فالقرار في دول العالم العربي يصنعه الأفراد لا المؤسسات، وهنا يأتي الفرق بيننا وبين الآخرين.