دائماً ما نتحمل كمواطنين وزر كلمات نشعر منها بخطيئة أشبه بصخرة لاتتحطم ولاتتفتت، برغم أن اليمن من أكثر البلدان زيادة سكانية!! إلا أننا صرنا جميعاً نكرر مثل هذه المقولة وهي صحيحة ولا غبار عليها ثم نعكسها تعليمياً وصحياً و..و..و.. لندرك حجم ذلك الوزر. إن حلولاً كثيرة نستطيع أن ننفذها إذا ما أردنا ذلك خاصة أن هذه الزيادات تتمثل في اتساع قاعدة الهرم السكاني، بمعنى أن حوالي 50% من السكان هم من الأطفال ومن هم في سن التعليم.. وبنظرة بسيطة أيضاً لنتبع دورة الحياة حيث يولد أطفالنا وغالبيتهم «08 من السكان في الريف» لاتصل لهم أولاً يستطيعون الوصول للرعاية الصحية الأولية سواءً في مراحل الحمل للأم وما تحتاجه من كشف وعلاج وكذا مرحلة الانجاب وما يشوبها من مخاطر ولجنينها وما يحتاجه من التطعيمات لمختلف مراحل العمر..ومايتبع ذلك من وفيات للأمهات والأطفال وما إن يدلف الطفل سن الدخول للمدرسة إلا وتبدأ معاناة أخرى لهذه الزيادة الكافية.. يفرح الطفل بتلك العتبة التي سيتخطاها ليتعلم مع أقرانه وإذا به لايكررها، يوم يحضر ويومان يتعثر حتى ينسى مرغماً تلك العتبة وتلك البوابة إن كان هناك باب يقال إنه بوابة المدرسة. إنها أسباب يشيب لها شعر الولدان كما يُقال وإن كان السبب فقراً فنقول الحمد لله فهذا من مقسم الأرزاق وإن كان الحال كارثة فنقول الحمد لله ولكن لا هذا ولا ذاك، فاليمن أرض خير وأمن واستقرار واليمن أهلها يتداعون للخير وهم أهل حكمة.. فهل تغير أهل اليمن.. هل جفت عطاءاتهم هل فقدوا حكمتهم؟! لا أتمنى لا هذا ولا ذاك ولكن ما أتمناه أن يلهم اليمن حكمة أخرى نحتاجها اليوم لنرسم ابتسامة على وجوه أبنائنا وبناتنا وحتى لايكونوا مستقبلاً غير متعلمين بل واعين لأمور دينهم ودنياهم، والأمر يحتاج لتكاتف الجهود والأموال لتغطية احتياج وطني عظيم ومهيب وهو تمكين أطفال الاسر المعوزة من التعليم بأن تُغطى احتياجاتهم المدرسية من ملابس وأحذية وحقائب ليذهبوا إلى المدرسة وأن تصلهم هذه الاحتياجات حتى لانرى طفلاً ينزوي أو يتسكع أو يتسرب.. فيكفينا حالات الجهل والأمية لمعظم أسرنا. إننا بحاجة لمبادرة وطنية وحملة من جمع المال وهي أولوية تنموية قصوى وبالإمكان أن تقوم بها عدد من منظمات المجتمع المدني وهي كثيرة وتبذل جهوداً في الوقت الحالي لتوفير الحقيبة المدرسية لكن هذا الجهد - وهم مشكورون عليه - ليس بكاف فمازال 04% من أطفالنا يلتحقون في الصف الأول في التعليم الأساسي لكن ثلثين فقط من الأطفال بين «6 41 سنة» يواصلون و42% هم بعمر الالتحاق بالمرحلة الثانوية يذهبون إليها، أما الفتيات فهن أقل حظاً من الفتيان بمعنى أن الغالبية منهن لايذهبن إلى المدرسة ومع الزيادة السكانية يزداد أعداد غير المتعلمين والمتسربين ورغم الجهود إلا أنها لم تصل إلى حد تقليل الفجوة التعليمية والحال نفسه في مجال الصحة والمياه ومستوى دخل الأسرة. إن التعليم مصدر هام للقضاء على الفقر والزيادات السكانية، وهو وسيلة -أي التعليم- لفرص العمل بكل أشكاله الفني والمهني والجامعي. إننا بحاجة لمبادرة وطنية تسخر كل الامكانيات للتعليم من عملية شراء وتجهيز ودعم بتوفير احتياجات ابناء الأسر الفقيرة.. لماذا لانعامل الاحتياجات المدرسية لابنائنا أسوة باحتياجات العملية التعليمية مثل المعلم والمدرسة والمنهج؟.. ماالفائدة إن وفرنا المدرسة والمعلم ولم يستطع رب الأسرة وهو لديه «5 7» أطفال توفير الزي المدرسي «الملبس والحذاء».. كيف نفسر مجانية وإلزامية التعليم؟ قال لي مدرس في احدى المناطق الريفية ولديه «5» أطفال لا أستطيع إرسالهم جميعاً إلى المدرسة فمسافة المدرسة عن البيت بعيدة تحتاج لزوجين من الأحذية لكل واحد ثم الدفاتر..لنتخيل حجم الاحتياج المادي لمناطق بعيدة وعرة تلتهم أحذية الأطفال كما تلتهم بطونهم وأجسامهم جوعاً وحراً. إن مبادرة وطنية باكتتاب ومساهمة لإنشاء معامل للزي المدرسي ستشغل تكافلاً وتكاتفاً مجتمعياً تستطيع بعدها الجهات المعنية مساءلة الآباء والأمهات لعدم إرسال أبنائهم إلى المدارس ونستطيع بذلك ردم الفجوة التعليمية والوصول لأحد أهداف الألفية ومن ثم الأهداف الأخرى. كما أنه من المهم أن تدرس وزارة التربية والتعليم سبب تدني مخرجات التعليم وعدم توجيه عدد أكثر من الطلاب نحو التعليم وستجد أن بُعد المدرسة وعدم توفر المعلم في المناطق البعيدة وعدم توفر المعلمين والمعلمات هي أسباب جوهرية ولكن يظل الجانب المادي هو اشكالية لدى العديد من الأسر لأنها لاتستطيع المجاهرة بفقرها المالي للتعليم.