قدرت أحدث إحصائيات مركز الأسرى للدراسات أعداد الفلسطينيين القابعين في سجون الاحتلال بأكثر من تسعة آلاف أسير وأسيرة.. ومن بين هذا العدد هناك «760» أسيراً يقضون عقوبة السجن مدى الحياة، وبينهم «69» أسيرة و«246» طفلاً. من يقترب أكثر من واقع السجون الإسرائيلية - حتماً - سيكتشف حقائق أشد مرارة حول الأسرى الفلسطينيين.. فسلطات الاحتلال الصهيوني خلال انتفاضة الأقصى فقط اعتقلت «67» ألف مواطن فلسطيني، بينهم «800» امرأة، و«7.600» طفل.. فمن يصدق أن كل هذه الأرقام خلف قضبان دولة تحظى بدعم لا محدود من الولاياتالمتحدة، وأوروبا، وتستقبل بعض القصور الرئاسية العربية سفراءها بالأحضان، وتشغل رؤوسها في التفكير والبحث عن الاتفاقيات المناسبة التي تخدم مصالح إسرائيل الاقتصادية والسياسية. عندما قرر الفلسطينيون ذات يوم اعتبار يوم السابع عشر من إبريل من كل عام يوماً للأسير الفلسطيني فإنهم لم يفعلوا ذلك إلا لاعتقادهم أنه سيكون مناسبة للتذكير بالأسرى، وتلمس معاناتهم وأسرهم، والمبادرة إلى دعمهم - ليس بالمال وإنما تعبوياً بالترويج لقضيتهم في مختلف المحافل الدولية، أملاً في تبلور رأي عام ضاغط على إسرائيل يدفعها لاطلاق سراح العدد الأكبر منهم أو على أقل تقدير تحسين ظروف اعتقالهم. لكن رغم مرورالعام تلو العام على إحياء يوم الأسير الفلسطيني إلا أن المنظومة العربية مازالت غارقة في التغابي عن إدراك الهدف من المناسبة، فكل ما تقدمه لأسرى فلسطين هو الإشارة في نشراتها الإخبارية إلى الخبر الذي تبثه السلطات الفلسطينية بالمناسبة، في الوقت الذي سيكون المواطن العربي منهمكاً في متابعة أحد المسلسلات المكسيكية على فضائيات أخرى غير محلية. ومن مفارقات ما يحدث أن منظمات المجتمع المدني «الحقوقية» التي عرفناها مدمنة على عقد الندوات لأتفه الأسباب، هي الأخرى لا يُحرّك الأسرى الفلسطينيون لعابها لعقد الندوات وإقامة الأنشطة المختلفة لمناصرة حق هؤلاء القابعين خلف القضبان في التمتع بالحرية، وحق الأبناء أن يحظوا برعاية آبائهم وأمهاتهم الذين طال وقوفهم في السجون مكبلي المعاصم. لو أن أمة غير أمة الإسلام لديها تسعة آلاف معتقل في سجون دولة ما لقلبت الدنيا سافلها عاليها، ولجعلت منها قضية عالمية تفوق بتأجيجها العواطف ما يروى عن الهولوكوست الذي يدعي اليهود أن النازية ارتكبتها بحقهم. وربما كان ذلك الصمت المريب هو السبب الرئيسي الذي يشجع الكيان الصهيوني على التمادي ومواصلة حروبه العدوانية على شعب فلسطين، والزج بمزيد من الأبرياء في السجون، لأن عالمنا العربي والاسلامي يحني ظهره لكل تقرير حقوقي يصدر عن أي منظمة في العالم ، من غير أن يسألهم : وماذا عن أسرى فلسطين في سجون الاحتلال الصهيوني ؟