ليس من مصلحة الأحزاب والتنظيمات السياسية المجازفة في مواقف سياسية غير مدروسة وغير مقبولة من الأغلبية الوحدوية من أبناء الشعب اليمني شماله وجنوبه وشرقه وغربه بكل فئاته وتكويناته وشرائحه الاجتماعية.. الذين ينظرون للانفصال من زاوية ما لديهم من المصالح المرتبطة برؤيتهم الباحثة عن حاضر ومستقبل أفضل لهم ولأبنائهم وأحفادهم جيلاً بعد جيل عملاً بما توجبه حكمة المراجعة وفضيلة التراجع من الخطأ إلى الصواب ومن التقدم إلى التخلف. لأنهم ينظرون إلى الوحدة على أنها إضافة إمكانيات إلى إمكانيات وموارد إلى موارد طبيعية واضافة طاقات وإمكانيات بشرية إلى طاقات وإمكانيات بشرية تلبي ما لديهم من الخطط والبرامج الاستراتيجية المعبرة فعلاً عما لديهم من الطموحات والتطلعات الحالمة بمستقبل سياسي ومستقبل اقتصادي ومستقبل اجتماعي وثقافي وعسكري وأمني أكبر وأفضل من الماضي الذي خرجوا منه والحاضر الذي يعيشون معاناته. الأمر الذي يحتم على جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية والمنظمات الجماهيرية والإبداعية والتعاونية والخيرية الدخول إلى ثقة الشعب من الأبواب المعقولة والمقبولة التي توصلهم معاً إلى مستوى الشراكة الفعلية بالسلطة والثروة والقوة بدلاً من مخاطبته من النوافذ المغلقة والمظلمة المثيرة للفتن النائمة الناتجة عن محاولة احياء النزعات المناطقية والمذهبية الانفصالية التي تعد الجزء بالسعادة والرخاء على حساب شقاء وحرمان الأغلبية من أبناء اليمن الذين لا مستقبل لهم ولا تنمية إلا في ظل الوحدة والشراكة الوطنية أما في ظل الانفصال والتجزئة فلا أمل لهم ولا مستقبل بأي حال من الأحوال. أقول ذلك واقصد به أن الوحدة إرادة شعب وحاضره ومستقبله هي المدخل الوحيد الذي يصلح لسباق المنافسات البرامجية الوطنية بدلاً من المزايدات الدعائية التي لا تخلف للشعوب سوى الكوارث وما تنطوي عليه من المحن المدمرة والمرفوضة نظراً لما تنطوي عليه من تضارب المصلحة العليا للهيئة الناخبة صاحبة القول الفصل في حجب الثقة ومنح الثقة الانتخابية التنافسية. ومن هذا المنطلق النابع من الحرص على المصالح الذاتية والموضوعية للاحزاب والتنظيمات السياسية المعارضة ندعوهم مخلصين وحريصين على المسارعة إلى تغليب حكمة المراجعة وفضيلة التراجع من القضية الجنوبية إلى القضية الوطنية الرافضة للتمترس خلف هذه النزاعات المناطقية والمذهبية المقيتة التي ما برحت تتخذ من القضية الجنوبية منطلقاً للضغط على صاحب الأغلبية للحصول على مكاسب آنية رخيصة. لأن مثل هذه الشعارات الاستفزازية المخيفة للشعب ولصاحب الاغلبية مهما بدت مستجابة لتحقيق بعض المكاسب السياسية العاجلة لصاحب الأقلية بشكل تنازلات يقدمها صاحب الاغلبية من منطلق الحرص على الوحدة إلا أنها على المدى البعيد شعارات مناطقية يتضرر منها صاحب الاقليلة بما يظهره من استعداد للمغامرة لا يستفيد منها سوى الطرف المدافع على الوحدة الذي يقدمه خصومه ومنافسوه للشعب بأنه المدافع الوحيد عما لديهم من المصالح المرتبطة بتحسين أوضاعهم المعيشية والحياتية والحضارية المصيرية وما يترتب عليها من استعداد لتكرار منح الثقة بدافع الاقتناع المستند إلى وقائع وممارسات عملية وعلمية مستمدة من الافعال الواقعية المتموضعة خلف ما هو نظري من الأقوال الدعائية المحاكية للعاطفة. إن القضية اليمنية اليوم والغد ستظل هي الإطار الجمعي المعقول والمقبول لكل الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني في مجمل مواقفها التنافسية والبرامجية المسئولة والجادة وغير قابلة للتأويل والتفسير والتفريط في سباق المجادلات والمراهنات السياسية الباحثة عن ثقة الشعب الذي أكدت التجربة والممارسة العملية والعلمية بأنه يرفض بشدة التخندق خلف القضايا المناطقية والمذهبية الداعية إلى الشطرية والرجعية مهما وجدت من عواطف غوغائية مستعدة لتقبلها بدون وعي في لحظة انفعال ناتج عن الاستغفال أو حتى عن معاناته التي اسفرت عنها ممارسات فاسدة وقابلة للاصلاح والمعالجة؛ فهي من الرهانات والمجادلات الفاشلة وغير القابلة للديمومة والصمود في كل المعتركات الانتخابية والديمقراطية المحكومة بالمصداقية والثقة لأن الشعب اليمني لا يجد فيها سوى دعوته للانقلاب على قوته والتراجع عما لديه من التطلعات والأحلام الحياتية والحضارية الجامعة للخيرات. إن الذين يمكن خداعهم في لحظة تضليل سيظلون بمثابة أقلية انفصالية قياساًَ إلى الأغلبية الوحدوية الرافضة لهذا النوع من المكايدة والمزايدة صاحبة الإرادة القادرة على النجاح في ركوب الأخطار وتحدي الأقدار واعادة الذين فقدوا عقولهم إلى جادة العقلانية وما توجبه من مراجعة وتراجع من النقيض إلى النقيض ومن الخطأ إلى الصواب؛ أي من الانفصال إلى الوحدة بعد أن تستجمع ما لديها من الأحاسيس الوطنية والمشاعر العقلانية الواعية التي تضعها أمام مسئولياتها الوطنية والتاريخية في النظر إلى المستقبل الواعد من داخل الدوامة الحركية للوحدة وما بعدها من الأحلام والتطلعات القومية والإسلامية الموجبة للتفاؤل والأمل. أقول ذلك وأقصد به أن الأحزاب والتنظيمات السياسية التي تمثل الطليعة الواعية للشعب لا يمكنها أن تفكر بهذا النوع من الاحباط واليأس الذي يدل على الرجعية اللا تاريخية التي تعيد الشعوب إلى عصور ما قبل الدولة اليمنية من كيانات قزمية منحصرة في نطاق الأسرة والعشيرة والقبيلة البائدة في وقت أصبحت فيه الهوية اليمنية تمثل ما وصلت إليه من الرقي الحضاري في المنعطف الكبير للوحدة مشدودة إلى ما بعدها من كيانات ومشاريع وطنية وقومية وإسلامية وإنسانية كبيرة لا تلغي ما قبلها بقدر ما تكملها وتكتمل بها في شتى مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية. أخلص من ذلك إلى دعوة قيادة الأحزاب والتنظيمات السياسية التي وضعت نفسها في الموقع وفي الموقف الخطأ من التاريخ إلى مراجعة أولوياتها والتراجع عن المواقف المخزية التي تحرض الجزء بالانقلاب على الكل والانسلاخ منه في مغامرة غير مدروسة وغير محسوبة بلغة الأرقام والعلم للربح والخسارة لأنها تراهن على خيارات صغيرة لا أمل لها بتغليب الربح على الخسارة.