العالم يصارع الفيروسات ومن معركة إلى معركة، ومن حُسن حظ الفيروسات وهي الكائنات التي لا تُرى بالعين المجردة أن كل الأسلحة التي يمتلكها العالم من البندقية إلى الدبابة والطائرات القاذفة وصولاً إلى السلاح النووي لا دور لها في كل هذه المعارك والصراعات وقد بدت كفة الصراع تتجه لصالح الفيروسات، بعد تحييد كل الترسانات العسكرية. ولأن العدو يستطيع التشكل وتغيير ملامحه وصفاته فقد أربك الطرف الآخر وهو الإنسان الذي فكر بأسلحة يستخدمها ضد الإنسان ذاته ورأى في أبناء جنسه الخطر الداهم ونسي أو تناسى أن الأعداء كُثر ومن خارج الجنس البشري، ولعل الإنسان الذي نجح في صنع أسلحة الدمار الشامل مستخدماً الجراثيم والفيروسات في صناعة أسلحة من هذا النوع لم يخطر بباله أن القذائف الجرثومية لا تقتل فيروساً لكنها قد تقتل مئات الألوف من البشر بغير ذنب. كل الأسلحة الجرثومية عجزت عن مكافحة انفلونزا الطيور وهاهي تعجز في مواجهة انفلونزا الخنازير، ومع مرور الأيام ستظهر فيروسات قاتلة للإنسان تنتقل عبر الحدود وعبر البحار وتقتل من البشرية أعداداً كثيرة ولا مانع يمنعها من الدخول إلى الدول التي لم تدخلها من قبل.. فالبشرية عاجزة عن مواجهة هذا العدو الضعيف رغم قوتها العسكرية ورغم التطور التقني وإن حدث واستطاعت أن تسيطر على الموقف فإن العدو «الفيروس» سيلبس عباءة أخرى ويأتي معلناً حرباً جديدة تأخذ وقتها قبل أن يتدخل الصمت لطي صفحات ذكر هذا العدو. انفلونزا الخنازير أقلقت العالم وبدأ الجميع في تحسس أنوفهم ويحسب ألف حساب قبل أن يفكر بالسفر إلى دولة ظهر فيها المرض ولا شيء يمكن أن يقنع الإنسان أنه في مأمن من الإصابة والجميع في انتظار المجهول سواء كان هذا الفيروس كذبة كما يقول عنه البعض أو حقيقة، فقد أربك العالم واستسلم الناس للخبر وبدأوا يتابعون مستجدات الحرب ويراقبون خريطة انتشاره ويحصون الدول والقارات التي تسقط واحدة تلو الأخرى في قبضة هذا الفيروس القادم من حظائر الخنازير إلى، اليوم والكثير من الدول تكافح فيروس شلل الأطفال وبلادنا من هذه الدول التي تسعى لكسب المعركة ضد هذا الفيروسي المزعج وعندما يتحقق لها ذلك سيكون ثمة فيروسات قد ظهرت وعلى الجميع أن يستعدوا للمعركة القادمة المجهولة. كل ما قد يحدث يجعلك تفكر في علاقة الفيروسات بذلك ولا شيء يمكن أن يستثنى من مسبب فيروسي لدرجة دفعت بأحدهم ليقول معلقاً على حملة مكافحة شلل الأطفال متى تبدأ حملة مكافحة فيروس الإنفصال؟ كل هذا لأن غريب الأمراض يكون في الغالب مسببه فيروسي ولأن دعوات الانفصال في الوقت الراهن تُعد من الأمراض الغريبة فقد جرى الربط بينها وبين فيروس الشلل وانفلونزا الخنازير مع وجود فرق مهم هو أن هذا الفيروس لم يأت بذاته من الخارج لكنه يوجه فقط من هناك لخدمة أهداف المستفيدين من حدوث المشكلات وإثارة النعرات والفوضى. وفي ختام الكلام أقول: إن العالم البشري انشغل بإنتاج الأسلحة وإثارة الحروب والصراعات فجاء من يذكره بضرورة مراجعة الحسابات والتخلي عن النزاعات التي تؤسس لخراب العالم ودماره بصورة أوبأخرى على الإنسان ذاته.