تتحاذف المصائب والنوائب على الصيادين واحدة تلو الأخرى مهددة معيشتهم ورزقهم الذي وهبه لهم الرازق المنان .. بدأت معاناة الصيادين في بادئ الأمر مع عمليات الجرف المهول للأحياء المائية وتدمير البيئة البحرية التي تقوم بها سفن وقوارب الاصطياد الصناعي في بحارنا وتطورت إلى إدخال أساليب ووسائل جديدة للاصطياد طاردة ومدمرة للثروة السمكية وبتنميتها ومخزونها . نتج عن ذلك نضوب في الثروة وتراجع ملحوظ في معدلات الإنتاج السمكي ,وهجرت العديد من أنواع الأسماك ذات النوعية والجودة بحارنا - حسب ما يقوله الصيادون في التجمعات السمكية في مناطقنا الساحلية وخصوصاً شهادات كبار السن والمعمرين منهم - ..وكثرت الشكاوى من هذا العبث المنظم خاصة من كثرة مشاهد نفوق المئات بل آلاف الأسماك وافتراشها الشواطئ دون أن تعلن مسببات مقنعة لها وما إذا كانت تلك الظواهر طبيعية أم بفعل اقتراف الاستثمار السمكي غير المدروس .. في هذه الأثناء شهدنا في حضرموت على وجه الخصوص مظاهر من احتجاجات الصيادين وغضبهم مما يحاك ويهدد بنضوب ثروتنا السمكية كان أشده اعتصام الصيادين في المكلا ونصبهم الخيام في الشارع الرئيسي العام يومها بلغ الصيادون رسالتهم إلى الجهات المسئولة في الإدارة المحلية والمعنيين بحماية الثروة السمكية فتحركت الجهود والمساعي إيجاباً مع دعوات الحفاظ على المخزون السمكي والتصدي لممارسات التدمير والتخريب وكافة الأعمال التي تضر بتنمية وتكاثر هذه الثروة .. الصيادون سبق وأن بحثوا عن مشاريع تعويض تقيهم من شرور البطالة وتحول دون حرمانهم من مصدر عمل أساس يقتاتون ويعيلون منه عوائلهم وأسرهم .. عندها جاءت فكرة مشروع إنشاء المراعي الاصطناعية لتعويض الصيادين عن فقدانهم (القشران) مراعي الأسماك في ضبة , ووقعت حينها اتفاقيات تنفيذ لكنها ذهبت مع الريح ولازالت حبيسة ومحلها سر. هذه وتلك لا تقل خطورة عن مسلسل معاناة الصيادين من جرائم القرصنة البحرية التي يقوم بها القراصنة الصوماليون فهي الأخرى أثقلت كواهل الصيادين وزادتهم وهموماً , فقد أضحى الصيادون فريسة سهلة لأولئك المجرمين القراصنة سواء بالخطف والاحتجاز أو الموت أحياناً أو بسرقة معدات وأدوات ووسائل اصطيادهم وتعرضهم للمخاطر والتنكيل على أيدي تلك العصابات ..لكن عمليات القرصنة الجديدة التي قام بها - هذه المرة - الهنود مؤخراً هي أشد إيلاماً وفظاعة على نفوس الصيادين المسالمين، فقد جرد القراصنة الهنود من آدميتهم وإنسانيتهم عند التعامل مع صيادينا ومارسوا معهم أساليب وأعمال تتنافى مع القيم والإنسانية , فلم يكتف هؤلاء القراصنة والمعتدون على مصادرة معدات وأدوات اصطياد الصيادين وحرق محصولهم السمكي على مرأى منهم فحسب بل الإمعان في تعذيبهم الجسدي ورميهم في البحر لمواجهة الموت . كل ذلك جعل الصيادين وجمعياتهم في حيرة من أمرهم , تدفعهم المعاناة وضنك المعيشة للبحث عن حلول ومعالجات عاجلة تنصف المشتغلين في مهنة الاصطياد وتضمن لهم استقراراً هنيئاً وسبل معيشة ميسرة لهم ولأسرهم , تمثلت في حصر أضرار الصيادين الناجمة عن القرصنة البحرية الجائرة وتمكين الصيادين من الحصول على تعويضات سريعة تيسر لهم العودة إلى ممارسة نشاطهم السمكي المعتاد وتقيهم من الارتماء في أحضان البطالة ولكي لا يكونان عالة على المجتمع ,ومع تلك المتابعات والجهود التي تبذلها قيادات الجمعيات السمكية ووراءهم الاتحاد التعاوني السمكي ارتفعت الأصوات بمطالبة المؤسسات المعنية بالنهوض بأدوارها وواجباتها في حماية الصيادين من الوقوع فريسة سهلة بأيدي العابثين والمجرمين من قراصنة البحر ..هذا جانب والجانب الآخر المطالبة وبشدة بوضع ضوابط ومعايير واضحة ومنظمة لعملية الاصطياد التقليدي والاستثماري - أيضاً - وان تسهم هذه اللوائح بشكل مباشر في اتجاه تحسين النشاط وزيادة الإنتاج السمكي وحماية الأحياء المائية وبيئتها البحرية من الاصطياد العشوائي والحد من الأعمال والممارسات التي تضر بتنمية وتحسين نوعيتها وجودتها ومخزونها مع إيلاء المزيد من الاهتمام بقضايا الصيادين والتجاوب مع كل ما يعزز من نشاطهم ويسهم في معالجة مشكلاتهم و مصاعبهم . فالصيادون هم شريحة واسعة من المجتمع ونشاطها الإنتاجي والاقتصادي وأحوالها المعيشية يستحق الدعم والمؤازرة والعمل معها وإلى جانبها في خلق أجواء من الثقة والتعاون فيما بينها أولاً وأطرها التعاونية والاجتماعية ثانياً في اتجاه تنظيم عمليات الاصطياد والحفاظ على الثروة السمكية من التعدي غير المشروع ومساعدة الأجهزة المختصة في القيام بواجباتها ومسئولياتها في الرقابة والتفتيش البحري والالتزام بالنظم واللوائح المنظمة لعملية الاصطياد .. وإذا كانت لجنة الزراعة والأسماك برئاسة مقرر اللجنة الأخ محمد عبدالله الحرازي وعضوية كل من د. رشيد بارباع ومحمد أبو بكر العمودي وسالم عبدالله نيمر وتوكل سالم ياسين قد لامست خلال نزولاتها الميدانية على تجمعات الصيادين في المناطق الساحلية في محافظة حضرموت التي دامت أياماً وشملت مختلف تجمعات الصيادين في الشريط الساحلي لحضرموت حجم المحبطات والمعوقات التي تواجه الصيادين وتحد من تحسين ظروفهم المعيشية والاطلاع على قضاياهم ومشكلاتهم ومتطلبات تطوير أنشطتهم الإنتاجية السمكية وشكواهم من الغياب المستمر وعدم الوضوح والالتزام بتنفيذ اللوائح والضوابط والمعايير المنظمة لعملية الاصطياد التقليدي ومعاناتهم من عمليات القرصنة البحرية فإنه يتوجب من الأجهزة التنفيذية والرقابية التقاط ما أثاره الصيادون وقيادات الجمعيات مع أعضاء لجنة الزراعة والأسماك بمجلس الشورى وبحث ودراسة كافة القضايا والموضوعات برويّة ومسئولية والتوجه نحو العمل الجاد في تقديم المزيد من الخدمات والرعاية لشريحة الصيادين وتوسيع مجالات الاستفادة من مشاريع تطوير الأنشطة السمكية لهذا القطاع المنتج والرافد للاقتصاد الوطني بما يضمن خلق فرص أوسع لتحسين الحياة المعيشية للصيادين والاستغلال الأمثل والرشيد لثروتنا السمكية والحفاظ عليها وأهم شيء في هذه المسألة وقف الخطر المستمر الذي يهدد صيادينا والمتمثل في العمليات الآثمة للقرصنة في مياهنا الإقليمية ما ظهر منها وما بطن والإسراع في معالجة وصرف تعويضات الصيادين عما فقدوه من معدات ووسائل إنتاج بفعل أعمال القرصنة الغاشمة سواء كانت بأيدي القراصنة الصوماليين أو حتى الهنود. [email protected]