وكأنه لا يكفينا كل تلك الممارسات التي - للأسف الشديد - تقع في بلادنا وتمثل مادة خصبة لوسائل الإعلام العربية والدولية التي تصوِّر اليمن على أنه بلد يعاني من حالة انفلات أمني وفوضى وقلاقل ويتجه إلى منزلق خطير.. لتأتي حادثة اختطاف تسعة أجانب في محافظة صعدة ثم الجريمة البشعة المتمثلة بقتل ثلاث أجنبيات، منهم طبيبتان ألمانيتان ومعلمة كورية، من بين المختطفين. لم تكن هذه الحادثة الأولى ولا أعتقد أنها ستكون الأخيرة إذا لم تكن هناك إجراءات حاسمة ورادعة تضع حداً لمثل هذه الأعمال الإجرامية التي تسيئ إلى بلدنا وتشوّه صورته وتحدّ من تدفق السياحة وتدفق الاستثمارات وتدفق الدعم التنموي وتحدّ من رغبة الكثير من الخبراء والأطباء الذين يعملون في عديد من المستشفيات والمؤسسات الانسانية والخدمية. ومن المؤكد أن هذا العمل الإجرامي والارهابي البشع الذي طال نفوساً آمنة جاءت إلى اليمن لتقديم خدمات طبية إنسانية مثّل فاجعة كبرى لكل أبناء الشعب اليمني، فهو جريمة بشعة مخالفة لنصوص الشريعة الإسلامية الغراء والقوانين النافذة، وقيم وأعراف شعبنا والقيم والأعراف الانسانية كافة، وهو حادث أليم مستنكر من قبل اليمن قيادة وحكومة وشعباً وفي المقدمة علماء الدين الذين عبروا عن إدانتهم لهذا الحادث الأليم. ولاشك أن من أقدموا على تلك الجريمة الشنعاء والنكراء هم خارجون عن الشرع والدين والأعراف والتقاليد النقية لمجتمعهم، ولذلك لم يكن بغريب أن تسارع كافة الأحزاب والتنظيمات السياسية والاتحادات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني إلى إدانة واستنكار هذه الجريمة والتأكيد على ضرورة أن تطال يد العدالة تلك الفئة الضالة لينالوا عقابهم الرادع والصارم ويكونوا عبرة للذين انحرفوا عن السلوك السوي وانساقوا وراء نزواتهم الشيطانية ليعيثوا في الأرض فساداً وقتلاً وتدميراً. فالله سبحانه وتعالى قد قال في محكم التنزيل « انه من قتل نفساً بغير نفس أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جمعياً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جمعياً».. ورسولنا الكريم قال: « من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة»، ولذلك ينبغي لكل من يعلم شيئاً عن المجرمين أن يبلغ الجهات المختصة، وكما قال علماؤنا فلا يجوز السكوت عن مثل هؤلاء أو التستر عليهم عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم: « من أحدث حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ». وينبغي كذلك النظر إلى مثل هذا العمل على أنه ليس فقط إجرامياً إرهابياً تقوم به عناصر نتيجة أفكار ضلالية وحسب، وإنما تعد هذه العناصر أدوات تنفذ مخططات تخريبية معادية لليمن وتسعى لإقلاق أمنه واستقراره وسكينته العامة. فالمتتبع لمسار الأحداث يلحظ ترابطاً وثيقاً وحلقات متسلسلة ومتتالية بين مايجري في أكثر من منطقة يمنية من أعمال تخريبية وتدميرية. فحينما تتوقف أو تهدأ الأمور في بعض مناطق محافظة صعدة كما جرى في يوليو العام الماضي عندما أصدر الرئيس قراراً بوقف الحرب من أجل إيجاد معالجات لتلك الفتنة.. رأينا من يشعل الأمور في بعض المحافظات باسم الحراك وتحت يافطة المطالب التي اتسعت وتجاوزت المعقول لتتحول إلى مسيرات وأعمال تخريبية ودعوات انفصالية وتمزيقية. ومؤخراً عندما عملت الدولة والحكومة على احتواء تلك المظاهر عبر التصدي لكل عمل خارج عن النظام والقانون.. وإيجاد المعالجات اللازمة لكل ماهو مطلب حقوقي مشروع وبدأنا نلمس تهدئة الأوضاع في تلك المحافظات إذا بالأمور تتجدد في محافظة صعدة عبر مناوشات وأعمال مُخلّة بالأمن تقوم بها عناصر الفتنة، ثم كانت هذه الحادثة الإرهابية. إذن نحن أمام أدوات وعناصر تحركها أيادٍ لاتريد لليمن ووحدته الخير ولاتريد للوطن الاستقرار ولا للشعب السكينة والطمأنينة والأمان، وينبغي أن نتنبه لذلك ونقف صفاً واحداً في مواجهة كل تلك الأعمال الشيطانية والأعمال المعادية.