المياه والبيئة وجهان لعملة واحدة، كل منهما يؤكد أن لامفر من الآخر ، باعتبارهما مرتبطين ارتباطاً وثيقاً بالكائنات الحية، وفي مقدمة ذلك الإنسان هذا الحيوان الناطق الذي ميّزه خالقه عن سائر المخلوقات بالعقل.وبما أن الحفر العشوائي قد سبب كثيراً من المشكلات التي كادت تحدق بالإنسان وتعصف به إن آجلاً أم عاجلاً ، لذلك نجد أن كثيراً من الدويلات اليمنية القديمة قامت على أساس القوة الاقتصادية المنبثقة من عامل الزراعة الذي يعتمد أساساً على المياه، ومن هذا المنطلق جعلوا من الأرض وعاءً لتجميع المياه التي تصب من على قمم الجبال والوديان إلى كروف وهي الحفرة الواسعة أو الحاجز ومنها ماهو بصورة أكبر مساحة وإمكانيات هندسية رائعة كما هو الحال في روعة سد مأرب والسدود الأخرى . هذا هو الدليل القاطع لدينا من أرض يحصب، حيث كانت البقعة الخضراء، هكذا أسميت نظراً لتجمع أكبر قدر من المياه في منطقة يريم القريبة من عاصمة الدولة الحميرية مدينة ظفار ذات الأبواب المتعددة ومنها باب خبان، حيث لازالت آثار هذه المنطقة تسرق وتُهرَّب إلى جهات مجهولة يوماً بعد يوم، وكلنا تابع قضية آثار العصيبية في منطقة ظفار المجاورة لبيت الأشول، هذه القرية التي أكثر مساكنها من أحجار ظفار وتظهر ذلك بوضوح إلى يومنا. وعودة إلى موضوعنا عن المياه وهي التي ساوت في يوم من الأيام وتحديداً في زمن هارون الرشيد نصف ملكه. وعن الحضارات حدث ولا حرج، فالحضارات وجدت حيثما وجد الماء.. وعن العشوائية في الحفر حدث ولاحرج أيضاً، ففي بلادنا يتسابق المتسابقون في حفر الأرض وبصورة لافتة للنظر دون اعتبار للقانون الخاص بالمياه الذي نظم لاستخدام المياه ضوابط بحيث يمكن من خلالها التعامل الأمثل لغرض استدامة المياه السطحية والجوفية وجعل لذلك مواصفات ومعايير وذلك من خلال البدء بالترخيص وفي إطار الشروط القانونية المحددة. لذا فإن أي خروج عن ذلك هو عبث في استخدام المياه واستنزاف جائر يغلب عليه العشوائية ابتداءً بالحفر وانتهاءً بالاستخدام التقليدي خصوصاً عند المزارعين في الوقت الذي هم (أي المزارعين) وغيرهم يعلمون أن مصادر المياه في اليمن هي الأمطار.. لذلك نجد أن الحل الأمثل في الحفاظ على هذه الثروة التي هي ملك الجميع هو تطبيق القانون وكذا الالتزام في أساليب الري عبر النظام الحديث المبني على التقطير أو التنقيط أو الرش وهذا لن يؤتي ثماره ما لم تكن هناك ندوات من قبل الجهات المعنية والأجهزة الإعلامية ما لم فقضية المياه ستظل قضية القضايا والشغل الشاغل للقيادة والمجتمع.