تعدى عدد الذين يواجهون المجاعة وأولئك الذين يتهددهم شبح الموت جوعاً حاجز المليار نسمة في مختلف أرجاء العالم حسب تقرير منظمة الأغذية والزراعة العالمية.. هذا الرقم يشكل نسبة كبيرة من إجمالي سكان العالم وهو بذلك يبعث على الرعب ويفتح أبواب التحديات الكبرى أمام سكان الأرض.. هذا الرقم الكبير المرعب من عدد الجياع في العالم ليس ثابتاً بمعنى أنه قابل للزيادة كل يوم لأسباب كثيرة، فالتغيرات المناخية وما نجم عنها من جفاف وتصحر في مناطق مختلفة من العالم تأتي في مقدمة الأسباب، ثم جاءت الأزمة الاقتصادية العالمية لتضيف تعقيدات جديدة وتزيد عدد الذين يتهددهم خطر الجوع والمجاعة وتزيد عدد فقراء العالم إلى أضعاف كثيرة. ولم يقف الأمر عند هذين السببين لكن هناك أسباباً لاتقل خطورة عنهما، فالصراعات الداخلية والحروب بشتى صورها تعد سبباً رئيساً للفقر والجوع والمجاعة بما تستنزفه هذه الحروب والصراعات من إمكانيات اقتصادية وبشرية وبما ينجم عنها من عدم استقرار يؤثر على العمل والإنتاج وكل هذا يؤدي في نهاية المطاف إلى ارتفاع معدلات الفقر والجوع وصولاً إلى المجاعة والكوارث الأخرى.. قد يتضاعف العدد في الفترة القادمة إذا استمرت الأسباب على النحو الذي يشهده العالم اليوم وهو ينذر بما هو أسوأ ما لم يتوقف الإنسان عن الأنشطة والممارسات التي يقوم بها وهي سبب في المشكلة الآن ومستقبلاً. على الشعوب والدول أن يدركوا جميعاً حجم الخطر الذي يتهدد سكان الأرض جراء الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية أولاً وهو ماانعكس سلباً على البيئة والإنتاج الزراعي وتسبب في جفاف مساحات شاسعة كانت تزرع وتنتج فتحولت إلى شبه صحراء ونزح عنها سكانها وحدثت المجاعات في مناطق كثيرة لهذا السبب، وتأتي الأزمة المالية العالمية لتكون سبباً أكبر لتفاقم مشكلة الفقر والجوع حسب التقرير الدولي، وخطورة هذه الأزمة تبدأ من عجز الدول الفقيرة عن مواجهة متطلبات شعوبها في توفير العمل والإنتاج والغذاء، حيث بدأت الأزمة تسري في أوصال تلك الدول وهي في طريقها إلى ماهو أسوأ فما يحدث اليوم هو محاولات تغطية ولايعد بأي حال من الأحوال نهاية الأزمة، فالخوف أن تصل هذه الدول إلى اللحظة التي تعلن فيها عدم قدرتها على مواجهة متطلبات الشعوب ويتضح عجزها التام وهو مايعني انهيارها بشكل أو بآخر وهي دول كثيرة موزعة على مختلف القارات والخطر يلوح في الأفق. إن ماينفق على قضايا ليست ذات أهمية في مواجهة هذه المشكلة يمكنه أن يخفف من الكارثة إلى حدٍ بعيد لو جرى توجيه هذا الإنفاق في المجالات الصحيحة. ومن هذا المنطلق ينبغي أن توجه كل الإمكانيات والجهود لتفادي الجوع والمجاعات في كل دولة على حدة، وفي دول العالم مجتمعة، إذ أن نتائج المجاعات سوف تطال كل الدول بما في ذلك الدول ذات الاقتصاديات الكبيرة والتي يعتقد إلى اللحظة أنها بمنأى عن الأزمة، لأن الخطر اسمه الموت جوعاً وهذا سوف يعطّل كل القوانين دون استثناء.. وعلى المجتمعات المختلفة التخلي عن ثقافة الخلافات والصراع في ما بينها وفي المجتمع الواحد ليتم توفير تكاليف الحروب والصراعات لصالح إنتاج الغذاء والتصدي للفقر والمجاعة وعدا ذلك سوف تذهب كل الأطراف إلى حضن الكارثة وسوف يجد الجميع أنفسهم على حين انشغال بالصراعات والحروب والاختلافات السياسية وقضايا لاأساس لها وقد وصلوا جميعاً إلى دائرة الهلاك. ولهذا نقول للجميع: وفروا جهودكم.. وفروا كل النفقات على الفوضى والصراع لصالح حياة الإنسان، لصالح الغذاء والماء، ليقف العالم جميعاً في مواجهة المجاعات والحد من زيادة عدد الجياع في العالم.