احتفلت دول العالم اليوم السبت بيوم الغذاء العالمي الذي يوافق الذكرى الثلاثين لإقراره وسط تحذيرات دوليه من ارتفاع أعداد الجوعى لنحو مليار شخص. فيما تشير التقارير إلى أن انعدام الأمن الغذائي يمس43% من الأسر اليمنية. لكن تلك التحذيرات التي تطلقها منظمات الإغاثة والأوساط الاقتصادية لا تلقى تجاوبا لدى الحكومة المشغولة هذه الأيام بالحرب على القاعدة في أماكن عدة, ورغم اعتماد البلاد على الاستيراد وبالذات مادة القمح التي تمثل سلعة إستراتيجية. بالتزامن مع تراجع رقعة المساحات المزروعة محليا مقارنة مع الطلب الكبير, إلا أن ذلك لم يدفع الحكومة لتبني إستراتيجية فعالة لتامين الأمن الغذائي لمواطنيها, أو أن تدرجها على قائمة أولوياتها عمليا وليس في الخطابات التي تهدف لجلب أموال المانحين والشركاء الدوليين,التي أغدقت عليها من كل مكان. ناقوس الخطر وجديد ناقوس الخطر تطلقه هذه المرة أوساط محلية,حيث حذرت دراسة حديثة إلى مخاطر تهدد الاقتصاد اليمني نتيجة تقلبات الأسعار العالمية للقمح، في ظل اتجاه الدول المصدرة الرئيسية إلى خفض الإنتاج للتحكم في الأسعار.وأكدت الدراسة الصادرة عن مركز سبأ للدراسات الإستراتيجية أن الاعتماد على السوق العالمي لتأمين القمح سيكون مكلفاً للاقتصاد اليمني مستقبلاً, ما لم تتم زيادة الإنتاج المحلي لتغطية الحاجة المتزايدة. وكشفت الباحثة أروى البعداني التي أعدت الدراسة عن وجود تدهور في زراعة القمح بسبب اتساع المساحات المزروعة بالقات على حساب القمح. وطالبت البعداني بتقديم الدعم المادي للمزارعين وتوفير مساحات زراعية ووسائل ري مناسبة وتقديم الاستشارات الزراعية لكيفية معالجة المشاكل التي قد تتعرض لها زراعة القمح. ولم تفلح الحكومة في تنفيذ الإستراتيجية التي تقول إنها تهدف إلى توسيع رقعة مساحات الأراضي المزروعة بالقمح, عندما شرعت في تطبيقها قبل نحو ثلاث سنوات, إذ لم تزل البلاد تستورد95% من الخارج في سلعها الغذائية, فضلا عن تراجع المساحات المزروعة محليا والإنتاج, وفقا لأستاذ المحاصيل الحقلية في كلية الزراعة بجامعة صنعاء محمد الخولاني, الذي قال لصحيفة الجمهورية "إن إجمالي ما ينتجه اليمن من القمح لا يتعدى 150 ألف طن سنويا، تزرع على مساحة إجمالية قدرها 100 ألف هكتار، مقابل 2.5 مليون طن يحتاجها المستهلك اليمني". ووفقاً لبيانات الإحصاء الزراعي فإن زراعة الحبوب الغذائية المختلفة في اليمن لاسيما الذرة والدخن والشعير، مازالت تشهد تراجعاً في الإنتاجية والمساحة. وكان تقرير لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة قد قال إن اليمن لن يتمكن من تحقيق أهداف الألفية الثالثة, مشيراً إلى انعدام الأمن الغذائي ل43% من الأسر اليمنية. وأضاف التقرير الذي صدر في ختام مناقشة خطة البرنامج لدعم اليمن أن من غير المرجح أن يحقق اليمن أهداف الألفية الثالثة بحلول عام 2015 مستثنياً إمكانية تحقيق تعليم أساسي للجميع. وخلص التقرير إلى أن اليمن بحاجة إلى المحافظة على معدل نمو للناتج المحلي ب5% في السنة كي يتسنى له تخفيض نسبة الفقر إلى النصف بحلول عام 2015. كما أوضح التقرير أن استهلاك القات في اليمن له أثر عميق في مسألة تراجع الأمن الغذائي وأن 42% من السكان ومن سن العاشرة فما فوق يتناولون القات - بحسب مسوحات صحة الأسرة في عام 2003- 25% منهم من الرجال. وأشار التقرير إلى أن اليمن واحد من البلدان التي تصنف ضمن الدول الأقل نمواً وتحتل بذلك المرتبة 151 من مجموع البلدان 177 التي احتواها تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأممالمتحدة الإنمائي. وأضاف إن اليمن من أفقر البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بإجمالي دخل قومي سنوي يقدر ب544 دولارا أميركيا و8 دولارات لكل فرد من مساعدات التنمية الخارجية في عام 2004. وأكد أن التقدم الكلي في معالجة الفقر بطيء في حين لم تتم تلبية توقعات إستراتيجية للتخفيف من الفقر، مشيرا إلى انخفاض في إنتاج النفط وعجز في الميزانية وتأثير سياسيات إصلاح الاقتصاد الكلي التي تعد في مجملها عوامل مؤثرة على الفقر. وتعتبر ندرة المياه والنمو السكاني السريع بالإضافة إلى الصراعات الداخلية من العوامل الرئيسية التي تتسبب في "انعدام يثير القلق للأمن الغذائي" على الصعيدين الوطني والمحلي. ويقول تقرير دولي أن عدد المتأثرين بانعدام الأمن الغذائي في المناطق الريفية يزيد خمس مرات عن مثيله في المناطق الحضرية. وفي السياق نفسه، أشار التقرير الصادر عن المعهد الدولي لبحوث سياسات الغذاء: "إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء، من المتوقع أن يبقى الأمن الغذائي في مستوياته المتدنية للغاية حتى عام 2020، و سيظل اليمن عرضة للصدمات الخارجية والكوارث". وكشف التقرير أنه على مستوى المنازل لا يملك 32.1 بالمائة (7.5 مليون من أصل 23 مليون نسمة في البلاد) ما يكفي من الغذاء لتلبية احتياجاتهم، وبهذا يصنف اليمن ضمن ال10 دول التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي في العالم. ويعتبر انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية لدى الأطفال في المناطق الريفية أسوأ بكثير مما هو الحال في المدن التي يسكنها ما لا يزيد عن 29 بالمائة من السكان. ووفقا للتقرير، يعاني 37.3 بالمائة من سكان الريف من انعدام الأمن الغذائي مقارنة ب 17.7 بالمائة من السكان في المناطق الحضرية. علاوة على ذلك بلغت نسبة التقزم 62.1 بالمائة من الأطفال في المناطق الريفية مقارنة مع 45.4 بالمائة من الأطفال في المناطق الحضرية. ويشير التقرير إلى سببين رئيسيين لهذا الفارق الكبير بين المنطقتين هما ندرة المياه وقلة هطول الأمطار خلال السنوات القليلة الماضية، الأمر الذي أثر بشكل كبير على الزراعة وتربية المواشي، وهما المصدران الرئيسان لكسب المعيشة لدى سكان المناطق الريفية. وكان برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة قد حذر من أن واحدا من كل ثلاثة أشخاص يعاني من جوع دائم في اليمن حيث قد يؤدي نقص الغذاء المتزايد إلى مزيد من الاضطرابات أو هجرة جماعية. وقال البرنامج إنه رغم انتشار الجوع على نطاق واسع فإنه اضطر إلى خفض حصص الغذاء نتيجة لنقص تمويل المانحين. وأوضح البرنامج في وقت سابق أن نحو 7.2 ملايين نسمة أي ثلث سكان اليمن يعانون من جوع دائم ويحتاج نحو 3.4 ملايين منهم لمساعدات غذائية لكن لا يحصل على حصص غذائية إلا 475 ألف شخص، وأشار البرنامج إلى أنه اضطر إلى خفض تلك الحصص إلى النصف في مايو/أيار. ومن بين هؤلاء 270 ألف شخص فروا من القتال بين القوات الحكومية والمسلحين الحوثيين في بلدة صعدة الشمالية والمناطق القريبة. ومعظمهم باعوا ماشيتهم وصرفوا ما كان لهم من مال قليل على سداد إيجار مساكن أو دفع تكاليف الغذاء، في انتظار ما إذا كانت الهدنة التي وقعها الطرفان ستستمر أم لا. وهناك قرابة نصف مليون شخص لاجئون من الصومال وإثيوبيا إضافة إلى أطفال يمنيين دون سن الخامسة ونساء حوامل أو مرضعات. وقالت المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي إيميليا كاسيلا "لم يبق للناس بعد ذلك إلا ثلاثة خيارات أخرى الثورة أو الهجرة أو الموت. خفض الحصص ليس خطوة أولى وإنما ملاذ أخير". وأضافت "بقية الناس لا يتلقون أي مساعدات في الوقت الراهن ومن يتلقون مساعدة يحصلون على نصف ما كان يجب أن يحصلوا عليه"، مشيرة إلى أن "كثيرا من الأسر يكاد غذاؤها يقتصر على الخبز والشاي". ويعاني أكثر من طفل واحد من كل عشرة أطفال من سوء تغذية حاد في اليمن الذي لا يتجاوزه في المعدلات المروعة إلا أفغانستان. ولم يتلق صندوق الغذاء العالمي سوى 27.7 مليون دولار من 103 ملايين دولار دعا المانحين لتقديمها من أجل اليمن هذا العام، وذكرت كاسيلا أن من بين المانحين حتى الآن الولاياتالمتحدة وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا والسعودية، وأن هناك دولا أخرى لم تدفع تعهداتها حتى الآن. ثوره الجياع أظهرت أرقام صادرة عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) أن عدد الجوعى في العالم وصل إلى نحو مليار شخص، معظم أطفال في أفريقيا وآسيا.وحذر تقرير المؤشر العالمي للجوع من معدلات وصفها بالمقلقة في 25 دولة. ومن بين 122 دولة شملها التقرير حلت جمهورية الكونغو الديمقراطية في أدنى مرتبة تليها بوروندي وإريتريا وتشاد.أما الدول ال25 التي حذر تقرير المؤتمر العالمي للجوع من معدلات الكارثة فيها فهي نيبال، تنزانيا، كمبوديا، السودان، زيمبابوي، بوركينافاسو، توغو، غينيا بيساو، رواندا، جيبوتي، موزمبيق، الهند، بنغلاديش، ليبريا، زامبيا، تيمور الشرقية، النيجر، أنغولا، اليمن، أفريقيا الوسطى، مدغشقر، جزر القمر، هايتي، سيراليون، إثيوبيا.وأشار التقرير إلى أن معدل وفيات الأطفال في أفغانستان وأنغولا وتشاد والصومال هو الأعلى، حيث يتوفى 25% من الأطفال قبل بلوغ سن الخامسة. وعزت عبير عطيفة المتحدثة الإقليمية باسم برنامج الغذاء العالمي أسباب وصول عدد الجوعى في العالم إلى نحو مليار شخص إلى عدة عوامل، من بينها العوامل المناخية التي تجتاح العالم وقلة الاستثمار في الأمن الغذائي وارتفاع معدلات الفقر. وقد جاءت هذه الإحصائية عشية إحياء العالم يوم الغذاء العالمي، حيث اجتمع مبعوثون من مختلف دول العالم بمقر منظمة الفاو بروما الجمعة، في محاولة لحث زعماء العالم على الاستثمار بكثافة في مجال الأمن الغذائي وإغاثة مليار شخص يعانون من الجوع يوميا. وسيتم الاحتفال اليوم السبت بيوم الغذاء العالمي في جميع أنحاء العالم، لكن منظمة الأغذية والزراعة تحذر من أنه على الرغم من أن أزمة الغذاء في عام 2008 أصبحت شيئا من الماضي، فإنه لا تزال هناك مشكلة هيكلية كامنة فيما يتعلق بإنتاج الطعام، ومن الممكن حدوث أزمة غذائية أخرى إذا لم تكن هناك استثمارات وشيكة. ومن جهته قال رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية كانايو نوانزي "أعتقد أننا إذا أردنا أن نحرز أي تقدم بعد ثلاثين عاما من الاحتفال بيوم الغذاء العالمي، فينبغي أن ننظر في تأثير كل ما كنا نقوم به فيما يتعلق بتخليص الناس من براثن الفقر، وإلى أي مدى نستثمر في الزراعة والتنمية الريفية". يشار إلى أن يوم الغذاء العالمي يحتفل به على الدوام في جميع أنحاء العالم على مدى العقود الثلاثة الماضية، واحتفل به للمرة الأولى في 16 أكتوبر/تشرين الأول 1981 بعد صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بالاعتراف بأن الغذاء ضروري لبقاء الإنسان ورفاهيته، وضرورة بشرية أساسية.