صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    عن الصور والناس    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البشرية في مفترق الطرق..!!
نشر في الجمهورية يوم 29 - 12 - 2013

معظم شعوب الأرض تعاني المشكلات والأزمات الطاحنة، ومن ثمَّ فإن الحاجة ملحّة لفهم تلك المشكلات والأزمات ومعالجة أسبابها وكبح آثارها وحل معضلاتها وتذليل عقباتها.. يقول روجر وولش: إنّ شعوب الأرض تعاني في معظمها زيادة النسل، والفقر، والتلوّث، وندرة الموارد، والصراع الهائل، وعليه فيمكن تحديد أهم المشكلات والأزمات التي تهدّد الجنس البشري في الزيادة المستمرة بعدد السكان، والفقر، وأزمة الطعام وندرة الموارد والطاقة، وتلوّث البيئة، والأسلحة النووية، والصراع العسكري الهائل..
فالزيادة المستمرة لعدد السكان في العالم تُعَدُّ مذهلة، ونستطيع وصفها بأنها “قنبلة” (BOMB) تهدّد بقاء الجنس البشري.. ويؤكد هذا ما جاء في بعض الإحصاءات من أنه في عام 1800م كان عدد السكان في العالم بليون نسمة وخلال ال200سنة الأخيرة ازداد عدد السكان حتى بلغ 6 بلايين نسمة، وخلال الثلاثين عاماً القادمة يتوقع زيادة عدد السكان بمقدار بليون نسمة أخرى، والمشكلة هي أن الزيادة السكانية في استمرار وازدياد.
أزمة سكانية
إنّ ناقوس الأزمة السكانية يقرع بشدة في كل أنحاء العالم على حد تعبير فرانكلين برل محذّراً من قرب انفجار القنبلة السكانية، وللأسف، فإن بعض الذي يقرعون الجرس يلومون الدول النامية على هذا التهديد السكاني لفشل تلك الدول في تحقيق التوازن بين سكانها وحاجاتهم الأساسية.
خاصة أنّ 90 % من الزيادة في أعداد السكان في الدول النامية، كما يتوقع أن يكون عدد السكان في هذه الدول في الألفية الجديدة هائلاً يتجاوز الحدود والإمكانات.
في الثمانينيات من القرن الماضي كان راسمو السياسات في حالة من عدم اليقين من أن النمو السكاني أمر جيد أم سيئ، وهل له تأثير أصلاً، وهل الإنفاق على برامج تنظيم الأسرة يؤدّي إلى محاولات منظمة لتقويم معلوماتنا بما في ذلك المعلومات الخاصة بمشروعات البنك الدولي..؟!
البيئيون يحذّرون
فبينما كان الاقتصاديون يقلّلون من أهمية آثار النمو السكاني، كان علماء البيئة يدّقون أجراس الخطر من تزايد السكان؛ بل إنّ هناك من يلقي اللوم فيما يتعلّق بالزيادة السكانية وبؤس البشرية على الدول المتقدمة، بسبب العبث الاستهلاكي والتلوّث البيئي المهدّدين للمصادر الطبيعية في العالم.
يقول روجيه جارودي في هذا الصدد: لا يغرب عن بال أحد أن النعيم المادي الذي ترتع المجتمعات الغربية في بحبوحته مبني على بؤس سكان العالم الثالث.
ويقول جارودي - أيضاً - في معرض ردّه على بعض الغربيين المدّعين أنّ الزيادة في عدد سكان العالم الفقير هي سبب مشاكل الجوع والفقر ونقص الغذاء: من العار أن نسمع المؤتمر السكاني في (بوخارست) يقول فيما يتعلق بالسكان إنّ إنجاب أقل عدد ممكن من الأطفال يجنّب العالم مشاكل الجوع، في الوقت الذي نعرف جيداً أنّ فلاحاً هندياً يستهلك أقل مما يستهلكه زميله الأمريكي في (كاليفورنيا) ب400 مرة..!!.
إذاً المسألة ليست في تحديد النسل كما طالب مؤتمر بوخارست؛ لأن الداء قائم في أسلوب ونمط النمو الاقتصادي والموجود في الغرب، بل يكمن الدواء والحل في ضرورة تغيير تصرُّفات وأهداف العالم الغربي؛ ولأن الكثير من أعباء النمو السكاني على البيئة يتحمّلها العالم كله، فإن الدوافع المحلية للتحكم في النمو السكاني تكون ضعيفة، ومن ثمَّ، فلابد من التعاون الدولي، ولابد من فهم أفضل للعلاقة ما بين السكان والبيئة في السنوات القادمة.
أما التهديد الثاني للجنس البشري فهو الفقر والجوع، ذلك لأن الانفجار السكاني يعمّق الهوة الموجودة فعلاً بين الغني والفقير، بين الشمال والجنوب، ويمكن أن ندرك حجم المشكلة من خلال نقص الطعام في العالم، حيث يوجد أكثر من 3 بليون شخص يعيشون في مجتمعات متوسط دخل الفرد فيها أقل من 500 دولار في السنة.
ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة فإن هناك ما يقارب من 1.5 مليار إنسان في العالم النامي يعيشون في الفقر؛ فإذا أضفنا إلى هؤلاء الذين يعيشون على حافة الفقر المدقع، فإن عدد فقراء العالم يمكن أن يصل إلى قرابة مليارين من البشر.
فقراء منفيون خارج التنمية
وللأسف، فإن النمو الاقتصادي لم يتساقط على الفقراء - كما يزعم الاقتصاديون - من أعلى، بل إنّ الفقراء من الناحية العلمية منفيون خارج نطاق التنمية.
وقد ذكرت بعض الإحصاءات أنّ أمراض سوء التغذية منتشرة في بلاد عديدة، وأنّ 300 مليون طفل في الدول النامية وفي عام واحد واجه أكثر من ثلثيهم الأمراض المعوقة بسبب نقص التغذية، والافتقار للسكن الملائم شكل من أشكال الفقر، حيث يوجد في العالم أكثر من 800 مليون شخص لا يجدون سكناً مناسباً أو حتى مكاناً يأويهم، ويضاف إلى ذلك عدد المعرّضين للإصابة بالعماء بسبب الفقر الذين يزيدون عن عشرة ملايين شخص.
إنّ الفقر يزيد من الأمراض ويقلّل من العناية الصحية، ويعمل على زيادة معدّل الوفيات بين الأطفال، كما تقلّل من فرص التعليم والرعاية الاجتماعية.
دائرة مفرغة
إنّ الفقر يتضمّن المرض، والمرض يعني عدم القدرة على العمل للتغلُّب على الفقر، إنّ تلك الدائرة المفرغة سوف يزيد حجمها إن لم نواجهها بشكل حاسم.
ومن ثم، فإن هيئات ومنظمات الغذاء في العالم وحسب إحصاءاتها ودراساتها تتفق بشكل عام على أنّ الفقر هو السبب الرئيس للجوع في العالم، وأنه إذا ما صنعت الخيارات السياسية الملائمة، فيمكن للعالم أن ينتصر على أسوأ مظاهر الجوع وسوء التغذية في أعوام قليلة قادمة.
يقول جون فريدمان: إن فشل السياسات الاقتصادية خلال السنوات الأربعين الماضية في معالجة محنة فقراء العالم تدعونا إلى أن نعيد التفكير أولاً في تعريف الفقر وتأثيره، وتدعونا ثانياً إلى البحث عن الحلول الممكنة.
وتقول سوزان جورج: إنّ الجوع في عالم تسكنه الوفرة والبحبوحة ليس بسبب وجود ركاب زائدين عن الحد على وجه الأرض، ولا بسبب رداءة الطقس أو التقلبات المناخية، وإنما ذلك لأن الغذاء تحت مراقبة الأغنياء؛ لذا يعاني الفقراء وحدهم من الجوع.
هوة سحيقة
ويقول جوزيف كولينز: ليس الجوع في أية دولة من دول العالم مشكلة مستحيلة الحل، حتى تلك الدول التي تعتبر مكتظة بالسكان إلى حد كبير، لديها الإمكانات الضرورية لتحرير نفسها من عبء الجوع.
إن وجود الهوة السحيقة في الإنفاق والاستهلاك بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة جعل الدول الغنية تزداد غنى، والدول الفقيرة تزداد فقراً؛ خاصة إذا علمنا أن بلداً مثل أمريكا تضم 6 % فقط من سكان العالم تستهلك 40 % من موارد العالم، وقد أشار إلى شيء من هذه الحقيقة علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين قال: إن الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء، فما جاع فقير إلا بما منع غني، والله تعالى سائلهم عن ذلك.
إنّ الأمم المتطورة والنامية على حد سواء ينبغي أن تتقاسم مسؤولية مواجهة الجوع والفقر، والمشكلة الثالثة مشكلة الطعام، ذلك أن سوء التغذية والموت جوعاً من أخطر نتائج الفقر، حيث تشير الإحصاءات إلى معدّل من يموت كل سنة بسبب سوء التغذية في العالم بما يتراوح بين 15 - 20 مليون شخص، وتتوقع منظمة الأغذية أن يقفز هذا الرقم إلى 1.3 بليون شخص.
وللأسف، فإن حكومات معظم الدول الإسلامية تتحمّل في ميزانياتها نسبة كبيرة من الدخل الوطني لاستيراد الطعام من الخارج، فقد نقلت الأخبار أن مصر تستورد الطعام بما قيمته ثمانية ملايين دولار في اليوم الواحد، ونقلت الأخبار أيضاً أن اندونيسيا اضطرت إلى استيراد مليونين ونصف من الأطنان أرزاً في عام واحد فقط نتيجة سوء موسم الحصاد.
ومن المعلوم أن البلاد العربية تنفق حالياً أكثر من 200 ألف مليون دولار سنوياً على استيراد الغذاء.
تقول سوزان جورج: إذا كانت الحلول التقنية كالثورة الخضراء، ونقل التقنية، ومراقبة السكان لا تستطيع حل مشكلة الطعام، وإذا كانت المساعدات الغذائية تستخدم لممارسة إشراف حكومات العالم الثالث، وإذا كانت الشركات الزراعية الغذائية المتعدّدة الجنسيات والمؤسسات الدولية لا تستطيع أن تجلب للبشرية عهداً من الرخاء، فما العمل..؟!.
الاكتفاء الذاتي
إنّ على بلدان العالم الثالث أن تزيد من إنتاجها داخل حدودها الخاصة، وينبغي عليها أن تعتمد على قواها الذاتية بدلاً من الاعتماد على المعونة الغربية، إن كل تقدُّم نحو القضاء على الجوع وأزمة الطعام ينبغي أن يمر بتغيير اجتماعي.
ومن المؤسف حقاً ألا يكون هناك اكتفاء ذاتي حتى الآن في المواد الغذائية الأساسية في أية دولة مسلمة، رغم غنى بعضها، والإمكانات الزراعية الضخمة لدى بعضها الآخر، فالدول التي تستهلك القمح أو الأرز كمادة أساسية في الغذاء والطعام تستورده من الخارج.
بيد أن حكومة المملكة العربية السعودية قد خطت في مجال الإنتاج الزراعي والاكتفاء الذاتي في القمح خطوات إيجابية، مما دعا منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة أن تسجل تقديرها للإنجاز الذي حقّقته المملكة في هذا المجال، مما يُشكل مثالاً ناجحاً للتنمية الزراعية ينبغي أن تحتذي به البلدان النامية.
ومشكلة الطاقة وندرة الموارد مشكلة رابعة من المشكلات والأزمات التي تواجه البشرية في العالم، فإذا كان الفقر يتفشّى في ثلث العالم تقريباً، فإنّ معظم الأسر في الدول المتقدّمة تعاني عجزاً في الطاقة وندرة في الموارد.
يقول أرباتوف: إن الموارد الطبيعية التي يستخدمها الإنسان تتجلّى الآن بوضوح بمثابة موارد مترابطة فيما بينها تؤلّف المحيط الحيوي، ولذلك فإن استثمار أحد أنواع الموارد يؤثّر على حالة موارد أخرى، وإنّ احتمال استبدال أحدها بآخر يغيّر تغييراً جوهرياً تصوّرنا عن مدى توافر هذه الأنواع.
نقص في وسائل الطاقة
وللأسف، فإن الإنسان اليوم يعاني النقص في وسائل الطاقة وندرة الموارد المتجدّدة ومن نقص في الأخشاب، حيث إن ثلثي سكان العالم يستعملون الخشب لأغراض الطبخ. كما أن الضغط السكاني ضحّى بالغابات من أجل المراعي في كل قارة، هذا إلى جانب تأثير الفيضانات المدمرة، والتعرية، وتقلبات الطقس على الغطاء النباتي، إلى جانب نقص البراري والغابات والأراضي البكر التي تولّد الرطوبة.
يقول أميروف: ومن بين المسائل ذات الأهمية العالمية ويحتل مكاناً مُهمّاً تأمين البشرية بالموارد الطبيعية، وكذلك استخدامها بصورة رشيدة؛ لأن الموارد الطبيعية تعتبر المصدر الرئيس للمواد والطاقة.
المطالبة بالحلول
إن الرأي العام العالمي، وفي ظل خاصية التقدم العلمي والتقني والاجتماعي مطالب بضرورة إيجاد حل لمشكلة توفير الطاقة وأزمة ندرة الموارد الطبيعية.
وتلوث البيئة واستنزاف مقوماتها الأساسية مشكلة خامسة تهدّد بقاء الجنس البشري، فقد جاء في تقرير لأكاديمية العلوم الوطنية الأمريكية: لقد حانّ الوقت الذي لا يجوز فيه للإنسان أن يمضي في استعمال الأرض والبحر والهواء كأنها سلّة قمامة.
وللأسف، فإن آثار التلوث البيئي واسعة لا تنحصر في مكان واحد، بل تمتد إلى آخرين سواء كانوا أفراداً أم مجتمعاً أو دُولاً أو العالم بأسره، فالإنسان لا يلوّث هواءه الخاص به أو مياهه أو تربته، وإنما أيضاً هواء ومياه وتربة الآخرين.
وقديماً قال ابن خلدون - رحمه الله - في مقدمته المشهورة: إنّ الهواء إذا كان راكداً خبيثاً أو مجاوراً للمياه الفاسدة أو لمنافع متعفنة أو لمروج خبيثة أسرع إليه العفن من مجاورتها، فأسرع المرض للإنسان والحيوان الكائن فيه.
يقول ماكفارلين برنيت: ثمة ثلاثة لا مناص منها: خفض الحرب إلى أدنى حد مستطاع، وإقرار سكان الأرض على مستوى مقبول، ومنع التدمير المضطرد لموارد الأرض التي لا تعوّض.
إن التقنية المعاصرة أدّت ولاتزال إلى تلوّث هائل لمختلف بيئات الأرض، تلوّثاً كيميائياً، وحرارياً، وإشعاعياً عن طريق ما قذفته المصانع وأجهزة التقنيات الحديثة من كميات هائلة من الإشعاع والحرارة والغازات والنفايات السامة والصلبة إلى الهواء وإلى مياه الأنهار والبحيرات والبحار وتربة الأرض.
مشكلات بيئية
إن المشكلات البيئية تبرز من ثنايا المشكلات المتعلقة بالموارد الطبيعية، وليس في هذا غرابة؛ لأن البيئة مجموعة من الموارد، ومن ثمَّ فإنّ معالجة المشكلات البيئية ينبغي أولاً أن تبدأ بتحديد الأهداف المتوخاة، إذ ليس من السهل تقويم المنافع المصاحبة لإجراءات حماية البيئة، لذلك فإن الموازنة بين المنافع والتكاليف تظل غير مقنعة لمن يقيسون كل شيء بقيمته النقدية.
فالمشكلات البيئية مرتبطة بسلامة ما يحيط بنا في البر والبحر والجو، وقد يختلط في هذا ما هو فطري، وما كان للإنسان يد في تهيئته، لذا ينبغي على السياسة الاقتصادية أن تركّز مستقبلاً على إنهاء الإهدار أو التبذير، والحفاظ على مصادر الثروة، وعلى إحداث تغيير في عادات الاستهلاك، وعلى حماية الجو والمحيطات من التلوث.
الشبح النووي
ويُعدُّ الشبح النووي والصراع العسكري أحد التهديدات التي تواجه الجنس البشري، فإذا كان الإنسان في الغرب لا يعاني زيادة النسل والفقر والجوع وأزمة الطعام وسوء التغذية وندرة الطاقة والموارد الطبيعية، إلا أنه يواجه مشكلة الأسلحة النووية.
ومع سرعة انتشارها فإنّ المعاناة لا تقتصر على أفراد وشعوب تلك المجتمعات، بل إنّ خطورتها ستمتد لتهدد الحضارة الإنسانية بصفة عامة.. وقد سجل فيلي برانت في كتابه “التسلُّح الدولي والجوع في العالم” أنّ العالم ينفق اليوم على التسلح أكثر من 3 مليارات دولار يومياً، كانت كفيلة بالقضاء على مشكلات الجهل والمرض والفقر في العالم.
وللأسف فإن أكثر من 50 مليار دولار تكرّس سنوياً للبحوث العسكرية، حتى أصبح على ظهر الكرة الأرضية خمسون ألف قنبلة نووية، ومائتان وتسعة وسبعون مفاعلاً ذرياً.
ويكفي أن نعلن أن دولتين فقط في العالم هما أمريكا وروسيا تمتلكان من القنابل أكثر مما يكفي لإفناء كل أثر للحياة على الأرض خمساً وعشرين مرة.
وهذا ما جعل جوش موش يقول: لقد أنفقنا في سبيل جنون البشر المسمّى «سباق التسلّح» مبالغ خيالية، حرمت البشرية في المقابل من موارد ضخمة مالية وبشرية، كان بالإمكان توجيهها لإسعاد البشرية ورفاهيتها.
مشكلات متعددة
إن الدول المتقدمة والدول النامية على حد سواء مدعوة بضرورة تسجيل استمرارية خفض الأسلحة، ونزع السلاح، وتدمير المخزون النووي، وإفضاء السلام.
إنّ العالم المعاصر يواجه مشكلات متعدّدة ومختلفة باختلاف طبيعة المجتمعات ودرجة تطورها، فمن مشكلات التخلف المتعددة الوجوه في بلدان العالم الثالث «الفقر، الجوع، المرض، التلوث، سوء التغذية، التصحر، التزايد السكاني...» إلى جانب المشكلات الناشئة عن التوسع الصناعي والتقني في الدول المتقدمة «أخطار طبقة الأوزون، والشبح النووي، وتدهور الأمن والسلم...» يقف العالم بأسره أمام عدد من الأخطار التي تنبغي مواجهتها في الوقت المناسب.
وقد يكون من المفيد ونحن على عتبة الانتقال من بلدان نامية إلى بلدان متطوّرة أن نفكر في مجموعة هذه المشكلات لنستفيد من تجارب الآخرين ونسهم في الجهد العالمي الهادف لتوفير حياة إنسانية كريمة لأفراد المجتمع، ومن ثمَّ، فإن معالجة تلك المشكلات والأزمات التي تواجه الجنس البشري في العالم لا تتطلّب فقط مجرد إطعام الجوعى، أو تخفيض المخزون الاستراتيجي للأسلحة النووية وحماية البيئة من التلوّث وتنمية موارد متجددة وطاقات مساندة.
إنّ مستقبلنا ومستقبل أبنائنا رهن بما نقدّمه، وعلينا أن ندرك أن أنظمتنا الاجتماعية وحدها غير قادرة على حل تلك المشكلات والتصدّي لتلك الأزمات.
بيد أنّ تطوير علم نفس خاص يهتم بالمشكلات العالمية التي نواجه البشرية في العالم، يتخصص في تفسير أسبابها النفسية وتحديد الصعوبات العامة، وكذا تعديل طرق إدراك المشكلات العالمية، وتزويد أفراد المجتمع بالأفكار التي تسهم في تخفيف معاناتهم، يُعدُّ ذلك في هذا العصر مطلباً حضارياً وإنسانياً.
كذلك لابد بالإضافة إلى ما سبق عرضه من معالجات وحلول ووسائل للتصدّي من الجهود المشتركة الفردية والمجتمعية الوطنية والإقليمية والدولية وعلى مختلف الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية، والبيئية والسكانية والعسكرية لتأمين سلام عالمي قوي وراسخ يضفي على البشرية جمعاء السلام والأمان والرفاهية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.