بدأت مع مطلع الأسبوع الحالي الامتحانات النهائية لاجتياز المرحلتين الأساسية والثانوية للعام الدراسي 2008_2009م ، وطالما تتردد دعوات الأمهات وأولياء أمور الطلاب أن يحالف الحظ أبناءهم ويحظون خلال فترة الامتحانات بمراقبين متساهلين عديمي الضمير خائنين للأمانة حتى يتيحوا الفرصة للطلاب بالغش واجتياز الامتحان النهائي بنجاح . ظاهرة الغش التي كانت في السابق بوسائلها البسيطة كالكتابة على المناديل الورقية و المسطرة وراحة اليد هي حيلة مجموعة بسيطة من الطلبة الكسالى والضعاف في تحصيلهم العلمي وتتم على استحياء وخوف وقلق أن يكشف المراقب الطالب الغشاش ويُحرم من إكمال الامتحان ، في الآونة الأخيرة اختلف الأمر تماماً نتيجة اختلال منظومة القيم والأخلاق وتفشي الفساد الإداري داخل المؤسسات التعليمية ومع عدم احترام القوانين والأنظمة وزرع المفاهيم الخاطئة تحول الغش من سلوك مشين وخلق ذميم ومعضلة أخلاقية إلى عمل شائع واسع الانتشار وبدأ النظر إليه كحق مكتسب، وتدريجياً بات -الغش- ثقافة بسطت سيطرتها وتطورت أساليبها وتُمارس بطريقة جماعية منظمة ، هذا ناهيك عن تسامح المجتمع حيث يصف كل مراقب خائن للأمانة بالطيبة ومساعدة الآخرين ويشد على يد الطالب الغشاش بتكرار نفس الفعل مع عدم إظهار أي ازدراء أو استنكار لأفعالهم. قبيل بدء الامتحانات نجد الطالب مهووساً ومنشغلاً في البحث عن البراشيم التي توفر عليه عناء المذاكرة وتضمن نجاحه ، حتى أصبح الغش مرتبطاً بجميع الطلاب المتفوقين والعاديين والضعاف ، والبراشيم الجاهزة باتت اليوم متوفرة وفي متناول الجميع ويمكن الحصول عليها من المكتبات في عموم البلاد في ظل غياب الرقابة والوازع الديني والأخلاقي والقبول بالكسب المادي الحرام، ومثل تلك التصرفات تنعكس آثارها المدمرة على مستوى التعليم ومستقبل البلد ، والأدهى أن الأسرة من أولياء أمور الطلاب تُمارس الضغط على أبنائها وتشجعهم بالاعتماد على الغش دون الحاجة إلى الاستعداد الكافي للامتحان . والتغاضي عن الغش يمر أيضاً بالمراقب الذي تجرأ على الخروج من منظومة القوانين والأخلاق الشريفة وسمح لطلابه بالغش علناً وتحت مباركته، وساهم في خلق جيل غشاش سالب لحقوق الغير، عديم الثقة بالنفس، وغير قادر على إتقان العمل، ويمارس الكسب عبر المشروع والممارسات غير القانونية، ودائماً ما يقترن الغش بالفساد، وبهذا يكثر الفاسدون لانعدام النزاهة والقدوة الحسنة وبلوغ الغايات عبر التحايل والمكر . ثقافة الغش التي تطرح مقولة (حرام الطالب ما يغش) تتعارض مع قيم الصدق والأمانة وتصل إلى حد أن يمارس الطلبة الضغط على المراقب واللجنة المشرفة بأكملها لاستبدال مراقب بآخر ؛ كون الأول لم يسمح له ضميره بتدمير مستقبل جيل كامل ، قد يكون من بينهم من يتولون مناصب مهمة في البلد ويمارسون الغش على الناس . وزارة التربية والتعليم بحاجة إلى أن تقف بشدة وحزم أمام هذه الثقافة المتفشية داخل المؤسسات التعليمية وخارجها في إطار الأسرة والمجتمع عامةً ، وتشديد العقوبة على كل من يمارس الغش ومن يسمح به من المراقبين، وعليها أن تتعاون مع الجهات الأمنية لضبط المكتبات والأكشاك التي تقوم بتصوير وبيع البراشيم للطلاب وتوعية أولياء أمور الطلاب بأن بلوغ الأهداف والتفوق يتم عبر الجد والعناء .