كان بن أحمد ماجد يصف كل ما تشاهده عيناه، ويتجوّل بمركبه في أقصى أقاليم البحار مجتازاً سيبيريا حتى الغرب الروسي، ناشراً أشرعة سفينته في بحار المحيط الهادئ وصولاً إلى شواطئ الصين. ومابين المحاذاة الدائمة للبراري والبحار في العالم تتموضع البحار المحصورة في تفاصيل تفاصيله الوصفية، فنتعرف على خليج عدن والبحر الأحمر وبحر العرب والبحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط متجولين مع البّحار الأشهر في مرابع البراري المتاخمة لتلك البحار، متأملين كيف كان ينشر ظلال أوصافه وتقديراته على ما يرى لا ما يعرف ، مشيراً إلى أن ما يدونه ليس إلا بعضاً من بعض .. هكذا «لان عادتنا ألا نذكر كل ما نعرفه»، موفراً مساحات للاستجلاء والاستسبار، واقفاً عند حد الغموض الشامل للصحراء السيبيرية التي كانت تمثل آنذاك حد العالم المعروف . الجولة الشاملة في بحار الشمال ويابستها تستطرد على تعريف أكثر كثافة وتميزاً لبحار الجنوب وفضاءاتها البرية، فتصبح أفريقيا والجزيرة العربية والهند بمثابة المنجز الأكبر في تراث بن ماجد العملي والنظري، وتتكامل الملحمة البحرية الإنسانية بمقدمته الوصفية العلمية عندما يشرع كريستوفر كولومبس في الإبحار نحو الغرب مُكتشفاً الأرض الجديدة بعد مرور عامين فقط من جولات بن ماجد المسطورة في أوصافه ومؤلفاته.