أفكّر أحياناً في مكان صلاة الجمعة، بأي مسجد، ومن هو الخطيب؟. فلكل خطيب أسلوبه، ولكلٍ مصداقيته أو عدمها، ولكلٍ جماهيره، والواقع أن بعض المصلين يفضلون أسلوب خطيب على آخر. فهذا الخطيب له صوت جهوري ملعلع، ولذاك أسلوب ساخر يدعو إلى الضحك، وآخر له اتجاهه الحزبي، قد يعبر عن حزبه، بغض النظر عن أنه مقتنع بحزبه أم لا. وبعض المصلين يسعدون بخطيب لأنه يتصف بالسلوك القويم ويطابق ظاهره باطنه. أما القاسم المشترك بين هؤلاء أنهم لا يقتربون في خطبهم من حياة الناس ولا يحاولون معالجة هذه الأفكار المغلوطة التي أصبحت تخرب عقول الشباب وبيوتنا معاً، وتسيء إلى المواطنة والمؤاخاة. والسبب فيها يعود - في رأيي - إلى أن كثيراً من هؤلاء الخطباء لم يقفوا على بعض الحقائق التاريخية أو المعرفية. فحين يتكلم عن خوارج هذا الزمان الذين يطمعون في تقويض سلمنا الاجتماعي ويضربون السكينة العامة، لا يعرف الجذور التاريخية للخوارج، ولهذا تظل الخطبة مجرد إنشاء يسوده الانفعال السلبي. والناس أصبحوا تواقين لحقائق تاريخية، معرفية، لتصل الخطبة إلى عقولهم وقلوبهم معاً!!. لقد جربنا استيراد خطباء، فلا شك أنهم قاموا بالواجب، ولكنهم لم يعرفوا البيئة التي يخاطبونها. إضافة إلى أنهم وجدوا - ربما - أنفسهم مطالبين بالحديث عن موضوعات معينة، فافتقدوا ما تسمى في الشعر ب"التجربة الشعرية" أي إن خطب بعضهم لا يقول شيئاً ولا يؤثر في النفوس، ولا يكون له قبول. مشكلات كثيرة تواجه مجتمعنا، فلابد أن تواجههاخطبة الجمعة ووعظ المسجد، ومعالجة الإعلام، وشعور الجميع بالمسؤولية.