شهدت أوروبا خلال العامين «الفائت والجاري» شتاءين قارسين بدرجة أكثر شراسة. لم يكن ذلك بسبب زيادة منسوب البرودة فقط بل لغياب وقود التدفئة بشكل خاص. كان نشوب خلاف حول تسعيرة الغاز بين روسيا وأوكرانيا، أدى لحرمان الملايين من التدفئة في أوروبا خلال الشتاء لعامين متتاليين كما تسبب في سخونة اتهامات عالية لروسيا باستخدام الغاز كسلاح سياسي ضاغط على أوروبا. تلا ذلك إطلاق تركيا مشروع خط أنابيب (نابوكو) في يوليو الماضي والذي يهدف لتزويد أوروبا بالغاز دون الحاجة للإمدادات الروسية،وترافق معه ترويج روسي لمسار بديل للغاز إلى أوروبا أطلق عليه مشروع(ساوث ستريم). وعلى الرغم من المنافسة بين مشروعي (ساوث ستريم) و(نابوكو) التركي، إلا أن أنقرة كما يبدو لاترغب في إقصاء روسيا شريكتها الاقتصادية ومصدرة الغاز الأولى لها. الحرص التركي هنا ليس مجانياً بالتأكيد حيث تم التوقيع مؤخراً وخلال زيارة بوتين لتركيا الأسبوع الماضي على بروتوكول في مجال النفط يهدف لدراسة مشروع خط أنابيب بين مرفأ شمشون على البحر الأسود ومرفأ جيهان على البحر الأبيض المتوسط.. انها حكومة اردوغان تلك الحكومة التي تنجز اكثر مما يجب. وبحسب صحيفة (كوميرسانت) الروسية فإن روسيا وعدت تركيا بمساعدتها على إنشاء هذا الخط مقابل الحصول على مشاركتها في مشروع (ساوث ستريم) الذي تم التوقيع عليه بين موسكووأنقرة خلال زيارة بوتين الأخيرة إلى تركيا. تسعى تركيا من خلال مشروع خط النفط لتقليل حركة الحاويات عبر مضيق البسفور المزدحم في اسطنبول،وتشارك مؤسسة (اني) الايطالية إلى جانب مجموعة (جالك) التركية القابضة في بناء خط شمشون - جيهان كذلك توقيع (ساوث ستريم) بين بوتين واردوجان الى جانب عدد من الاتفاقيات في مجالات الجمارك والزراعة والثقافة والتعليم مكّن تركيا من التوقيع على وثيقة لبناء المحطة النووية الأولى في تركيا من قبل روسيا ، وهو المشروع الذي أجل عدة مرات من قبل. المشروع النووي بين تركياوروسيا ينص على إنشاء أربعة مفاعلات طاقتها الإجمالية 1200 ميجاوات،بحيث تباع الطاقة الكهربائية بسعر ثابت حتى 2030 ومن ثم بسعر السوق. تشغيل المفاعل الأول متوقع أن يبدأ العام 2016 على ان يبدأ تشغيل المفاعلات الثلاثة الأخرى تباعاً بفاصل سنة بين الواحد والآخر. في المقابل قالت الحكومة الروسية وفي بيان لها حول توقيع اتفاق ساوث ستريم: إن العمل في المياه الإقليمية التركية سيبدأ مع نهاية العام 2010 أو مطلع 2011، على أن يبدأ تشغيل الخطوط في 2013م. حيث ستمر الأنابيب في قاع البحر الأسود لتصل بين روسيا وبلغاريا وهناك تنقسم إلى جزء شمالي غربي يتجه نحو النمسا وآخر جنوبي يتجه نحو ايطاليا واليونان. خطوط (ساوث ستريم) يتوقع أن تنقل نحو 31 مليار متر مكعب من الغاز القادم من روسيا وآسيا الوسطى وكازاخستان إلى أوروبا عبر تركيا.