كان من المعلوم أو المتعارف عليه في السابق أن عملية إقامة مطب في الطريق الاسفلتي تقتصر على الطرق السريعة وبالتحديد أمام المدارس والأسواق التجارية الواقعة على هذه الطرق ، وذلك حرصاً على أرواح فلذات الأكباد من الحوادث المرورية المؤسفة الناجمة عن السرعة اللامعقولة التي يقود بها بعض السائقين مركباتهم .وغالباً ما تقوم السلطات الرسمية باستحداث هذه المطبات باعتبارها ضرورة لابد منها وعلى اعتبار ان العبث بالطرقات العامة والاعتداء عليها تحت أي مبرر يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون. ولذلك كنا نرى هذه الطرقات خالية من المطبات إلا القليل منها والتي سبق تبيان مواقعها وأسباب استحداثها .. أما اليوم فقد تحولت المطبات في بلادنا إلى فوضى عارمة يمارسها الجميع في أي وقت وفي أي مكان وبصورة عشوائية وارتجالية ، غير آبهين بالآثار والنتائج المرتبة على القيام بمثل هذه التصرف الأرعن الذي لا يتماشى مع السلوك الحضاري الذي ينبغي ان يسلكه المواطنون في مجتمع حضري. ومما يثير الدهشة والاستغراب أن مسألة استحداث مطب أضحت من السهولة بمكان تنفيذها من قبل الأطفال وصغار السن الذين يقومون بها وكأنها لعبة للتسلية غير مدركين مخاطر ذلك في وقت هي بالنسبة للكبار مهمة مشروعة بحثاً وراء المصالح الشخصية والنفعية ، فقد يمشي الواحد منا في طريق عام صباحاً دون أن يكون هناك أي مطب ليفاجأ عند العودة في المساء أنه تم استحداث مطبات في نفس الطريق ، حيث تكون مفاجأة السائقين ودائماً ما تحصل حوادث مؤسفة بسبب ذلك جراء فقدان بعض السائقين القدرة على السيطرة على المركبات، وقد أصبحت ظاهرة استحداث المطبات مشكلة تؤرق مضاجع الكثير من مرتادي الطرق من سائقين ومسافرين ، فعلاوة على الخسائر البشرية الناجمة عن الحوادث المرورية التي تحدث بسبب المطبات فهناك خسائر مادية يتجرعها أصحاب السيارات والمركبات لذات السبب حيث يتفاجأون بها مما يعرض مركباتهم للأعطال، ولا غرابة هنا أن يطلق أحدهم على بلادنا بلد المليون مطب ، فما هو موجود من هذه المطبات يكاد يصل إلى رقم كبير لايمكن تصديقه، فصاحب السوق اصطنع لنفسه مطباً من أجل تسهيل دخول المركبات إلى سوقه ولجذب انتباه المسافرين لما يتم عرضه من بضائع ومنتجات، وصاحب البقالة وصاحب المطعم وصاحب البوفيه وصاحب الاتصالات وصاحب ورشة الميكانيك ومحطات بيع المشتقات النفطية، ومؤخراً صارت المطبات من صنع أصحاب البسطات والفرشات الخاصة ببيع الخضروات والفواكه والأطفال والشباب الذين يقومون ببيع القات ، ولأن الظاهرة لم تعد تحظى باهتمام الجهات ذات العلاقة وصارت ضمن نطاق المسموح به بالقياس لعدم اتخاذ أي اجراءات في حق من يقومون بالعبث بالطريق وإقامة المطبات فقد اهتدى إلى هذه الطريقة الكثير من المتسولين ذكوراً وإناثاً كباراً وصغاراً فعملوا على استحداث مطبات خاصة بهم تسهل عليهم مهمة الركض وراء المسافرين وهذه النوعية من المطبات تتصف بارتفاعها وقوة تحملها ولذلك فإنها تحقق لأصحابها الأهداف المتوخاة منها، بالإضافة إلى ذلك فقد صارت المطبات خياراً لابُّد بالنسبة للمواطنين الذين تقع قراهم ومناطقهم على امتداد الطريق الرئيسي ، حيث صار لكل قرية مطب خاص بأهلها يضمن لأفرادها الحصول على فرصة لركوب السيارات في الطرق السريعة بعد أن كان الأمر عصياً عليهم في السابق لعدم وجود مطبات تجبر السائقين على تخفيف السرعة. كل هذه العبثية تمارس في حق الطريق على مرأى ومسمع السلطات المختصة وفي مقدمتها وزار ة الأشغال العامة والطرق ممثلة بصندوق صيانة الطرق والجسور عمل حملة واسعة لإزالة المطبات العشوائية بالتعاون مع السلطة المحلية في المحافظات والمديريات والعمل أيضاً على فرض غرامات تأديبية واتخاذ إجراءات رادعة في حق كل من يقوم باستحداث مطب على امتداد الطرق العامة كون كثرة هذه المطبات تعطي صورة غير حضارية عنا أمام الزائرين وضيوف اليمن من البلدان الشقيقة والصديقة، مع الأمنيات للجميع بالصحة والسلامة والعافية.