أتذكر عندما كنت والأستاذ سمير اليوسفي رئيس تحرير صحيفة «الجمهورية» والأستاذ أحمد الحبيشي رئيس تحرير «14أكتوبر» والأستاذ ياسين المسعودي رئيس «نقابة الصحفيين اليمنيين» في جلسة نقاش وحوار في دولة البحرين تناولنا أكثر القضايا سخونة على الساحة اليمنية. وكان لي رأي مخالف وجريء ربما يكون أو يظنه البعض أنه تطرف في الحكم على الآخرين أو يعتقد البعض أنه تحامل على الشعب اليمني. أجد نفسي هنا مضطراً البوح به علناً وحيث إننا كشعب يمني بمثل ما نمتدح أنفسنا بأننا شعب صاحب حكمة ، منطلقين من المقولة المقدسة «الإيمان يمان والحكمة يمانية» وندعي أو نزعم أننا طيبون طبقاً للحديث الآخر والذي يقول :«أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوباً». أقول فإنه بمثل هذين الحديثين اللذين نكررهما باستمرار ونرفعهما شعاراً لطيبة أهل اليمن وشعب اليمن إلا أنني أعلنها هنا أننا كشعب يمني لدينا من الغباء نسبة عالية ونحمل من السذاجة نصيب الأسد أما الذاكرة فيبدو أنها آخر شيء نهتم بالحفاظ عليه ولذلك ننسى ولا نهتم بالتاريخ. أما الحالة الأولى فدليلي وحجتي واتهامي أننا شعب غبي أنه عندما قفز إلى السطح الإعلامي من سموا أنفسهم أنهم أصحاب مطالب حقوقية ومدنية - متقاعدين ودبلوماسيين - وكأن الوظائف مؤبدة للبشر انطلت اللعبة على الكثير وسار خلفها الكثير ممن أصلاً ليس لهم لا مطالب ولا حقوق وتبعهم الشباب العاطلين عن العمل والأطفال دون أن يدركوا أو يدركوا أن الحقيقة هي ليست المطالبة بحقوق مدنية وغير ذلك مما كانت تسوقه صحيفة «الأيام» إنما الحقيقة هي غير ذلك كلية. ومرت الأشهر ونسي الذين ساروا خلف الذين تزعموا تلك الموجة من المطالبات، وإذا بالحقوق أصبحت عقوقاً في حق الوطن والوحدة اليمنية، وإذا بالذين صنعوا هذه الفكرة أو هذا المخطط ينتقلون لمخطط آخر أكبر حجماً وأكثر اتساعاً، وتبعهم الغاوون من الشباب والعاطلين عن العمل دون أن يدركوا أن الذين يصنعون كل تلك الحيل والمخططات لهم مصالح وأهداف شخصية خفية، وساروا معهم مجاميع انغمست في جرائم بحق المواطنين والوطن. ووجدوا أنفسهم كالذي وضع وسط البحر ليس أمامه إلا الاستمرار حتى يصل إلى الشاطئ الذي يحلم به أو يوجه نحوه. والغريب في الأمر إن الذين تزعموا ويتزعمون ويخططون لكل تلك الأحداث مختبئون في المقايل مطمئنون على سلامتهم وسلامة عوائلهم وأطفالهم وهؤلاء من الذين سماهم البعض بالهمج يعربدون في الشوارع مخربين ومخلفين أضراراً وتدميراً.. أين هم من محركيهم أليس هذا غباء؟! بعد كل تلك الحيل والخطط والتي أهدافها شخصية بحتة أين ذهبت عقول من يتظاهرون ويخربون؟ ألا يوجد لديهم تمييز وعقل ، هذا هو الغباء بعينه. أما وصفي لهم بالسذاجة فلا تحتاج إلى شرح طويل لأعبر وأحلل أننا شعب ساذج فعلاً.. وإلا كيف نقبل من نفر تزعموا مطالبات حقوقية ومدنية ومن ثم انتقلوا إلى مطالبات عنصرية تشطيرية!؟ ألم يكن بالإمكان من البداية الإعلان عن تلك المطالبات !؟ أم أن الهدف في الأساس جرجرة مجاميع من الشباب والعاطلين ليكونوا في الواجهة ويكونوا حطباً لأية مواجهة مع رجال الأمن أو الجيش أو الشعب، والذين صنعوا كل تلك الحيل سموا أنفسهم قيادات يجب أن ترتاح وتطمئن على المستقبل وتفكر في كيفية التوجيه، وهؤلاء الشباب والسذج يواجهون المصاعب والمعاناة ومن قتل منهم سيحظى بتسمية شهيد ، ويكفيه هذا. أليست هذه سذاجة من كل الذين تنطلي عليهم هذه الألاعيب، وبدلاً من أن يبحثوا عن عمل يدمروا الفرص المتبقية لهم في العمل، فعلاً شعب ساذج. وأخيراً والطامة الكبرى في أننا شعب ضعيف الذاكرة أو لنقل بصريح العبارة شعب فقد الذاكرة. المضحك والمبكي في آن واحد هنا أن تلك المجاميع التي تعربد تدميراً وتخريباً في الأماكن العامة والخاصة رافعة أسماء وصور من يريدون تنصيبهم قادة لهم، ناسين أن كل تلك الصور وكل هؤلاء الأسماء التي يرفعونها هم أنفسهم كانوا يحكمون آباءهم وإخوانهم وأذاقوهم الويل. هؤلاء البسطاء يتناسون أن هؤلاء قد غيروا الآن هويتهم وجنسيتهم فبدلاً أن كانوا يقاتلون من ينكر يمانيتهم إذا هم اليوم يوزعون تسمية جنوب وجنوبيين وجنوب عربي، وهناك منهم من كان قيادياً وسفيراً وفي الميليشيا والاستخبارات، كل تلك الحركات من أجل أن تنطلي على هؤلاء البسطاء. ناسين أيضاً أن كل تلك الأسماء تعيش حياة الرغد، الآن تحصل على رواتب ومزايا وسكن من الدول التي يقيمون فيها أكثر من الرواتب والمزايا التي كانوا يتقاضونها عندما كانوا في الحكم. والمضحك هنا أن تلك الأسماء تاريخها مليء بالقتل والاغتيالات، بل وربما الكثير من أقرباء هؤلاء الشباب ذهبوا ضحية تصرفات تلك الأسماء والصور التي يرفعونها، ومن المؤكد أن الكثير منهم ضحايا مجزرة 86م أم أن تغيير أشكالهم واتجاهاتهم والتبرئة من الماضي انطلت عليهم؟! والمضحك أيضاً أن من يتظاهر ويسير مسيرات ويردد أسماء هؤلاء النفر وهم في خارج اليمن لايعرف أن أغلبهم قد فقد شعبيته عند الشعب الذي عايش عصرهم، فكيف ينادون بأسمائهم ويرفعون صورهم..ألا يعرفون تاريخهم أم أنهم نسوه أم أنسوهم إياه!! وصدق من قال: إن كنت لاتدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم بعد كل ذلك ألا يحق لي أن أصل إلى هذه النتيجة وذلك السؤال!؟ [email protected]