شهر رمضان المبارك.. أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار.. وفيه يكون الإنسان أكثر قرباً وطاعة لله سبحانه وتعالى، وهو شهر العبادات والطاعات والإكثار من الحسنات اللاتي يذهبن السيئات.. ورمضان شهر الخير والبركة.. وهو المحطة التي يتوقف فيها المؤمن لمحاسبة النفس.. وماذا قدم لحياته الأبدية.. وما اكتسب من الخير وما جنى من الشر.. وهل كان في ما مضى مصيباً أو مخطئاً.. وماذا بإمكانه أن يعمل ليتجاوز أخطاءه ويزيد من حسناته ليفوز في الآخرة. وما أسعد الإنسان حين يقوم ليل رمضان.. ويحيي نهاره.. ويكثر من الطاعات.. ويتفرغ لقراءة دقيقة في كافة شئون حياته وعباداته ليعيد ترتيب أوراقه من جديد، ويبدأ في استيعاب ما يجري من حوله خاصة والدنيا دار امتحان يخوضه المرء بحثاً عن النجاح والتفوق للفوز في نهاية المشوار. ومن استعد والتزم بما أمر به وسار في نهج صحيح وتحرّى الصالحات وتجنب المعاصي والمنكرات وما نهانا عنه ديننا ونبينا وشريعتنا فقد فاز. ومن لم يهتم بآخرته وتفرغ لدنياه.. يلعب.. ويلهو.. ويرتكب المعاصي والكبائر ولا يستفيد من رحمة الله ومغفرته.. فقد خسر آخرته والسعادة الأبدية. ولا مجال للهروب في أن نعترف جميعاً أن الأخطاء والذنوب تحاصرنا وتلفنا من كل اتجاه.. لكن الله رحيم.. ورحمته وسعت كل شيء.. ويكفي أن الحسنة تمحي السيئة.. وأن السيئة تكتب سيئة ولا تمحي الحسنة.. وأن الله يحب من عباده التوابين.. ويحب المستغفرين.. ولا يعني ذلك أن نستمر في أخطائنا وذنوبنا.. بل في إحساسنا بالذنب والاعتراف به والابتعاد عنه دون الرجوع إليه وطلب المغفرة والرحمة. ولا يكفي أن يشعر الإنسان بتقصيره دون أن يسعى بشكل جاد في تجاوز أي تقصير، وعدم تكرار أي أخطاء أو الوقوع في معصية كانت صغيرة أو كبيرة.. فكما أن الله سبحانه وتعالى غفور رحيم.. هو أيضاً شديد العقاب!. ولا أعتقد أن فرصة المراجعة والتدقيق في ما مضى.. والاستعداد لما هو آت.. متاحة لنا جميعاً طوال أيام السنة.. كما هي متاحة الآن في أعظم الشهور وأفضلها.. ولا ينبغي أن نتركها دون الاستفادة منها. ومن لم يقده هذا الشهر الكريم إلى أن يأخذ مساراً آخر باتجاه الإكثار من الحسنات والطاعات والعبادات ومعاهدة النفس على الصلاح والابتعاد عن السيئات.. فلا شك أنه سيخسر فرصة ثمينة ستمنحه الاطمئنان والسعادة في دنياه وآخرته. وإذا ما كانت كل الشهور رمضان، وحافظنا على الصلوات الخمس في أوقاتها، وحرصنا على الطاعات وترك الذنوب، فإن الفوز بالدنيا والآخرة سيكون ممكناً وبسهولة. واسألوا معي لنا جميعاً الهداية والتوفيق، وأن لا يميتنا الله إلا وهو راض عنّا.. وأن يجعل الحياة لنا زيادة في كل خير.. والممات راحة من كل شر.. واللهم إنا مخطئون.. مقصرون.. مذنبون.. فاغفر لنا.