مازلنا نشكو باستياء بالغ ماألحقه الإرهاب بالسياحة اليمنية، وجرته الاختطافات وأعمال العنف على البلد من صيت سيئ، غير أننا لم نلق بالاً إلى الكثير من الأخطاء والقصور التي ذبحت بها الجهات المختصة صناعة السياحة من الوريد إلى الوريد. قد لايصدق أحد أن مواقع تاريخية وأخرى طبيعية يؤمها السياح من كل مكان ليس للدولة فيها ناقة ولاجمل، بل إنها تتبع جهات أهلية منذ سنين طويلة، وأن هذه الجهات تشغلها على نحو سيئ للغاية، الأمر الذي حرم السياحة اليمنية من أي بنى تحتية، لأن المستغلين لهذه المواقع لايهتمون لتطوير الخدمات فيها، أو تحسين مظهرها بقدر مايهمهم العائد المالي منها.. قبل بضعة أيام تشاجر أحد المغتربين العائدين من الولاياتالمتحدة لقضاء شهر رمضان بين أسرته، مع حراسات حصن «حب» التاريخي بمديرية بعدان محافظة إب، على خلفية قيمة الفرش الذي يتم تأجيره للسياح والزوار - بحسب قول أسرته - فتم احتجازه، فيما هرب رفاقه، وفي اليوم الثاني عثر على جثته مقتولاً وعليها آثار تعذيب..! استغربت في البداية عندما أخبرتني أسرة الضحية بالقصة، لكنني لاحقاً تبددت دهشتي حين علمت أن الحراسات لم تكن تابعة للدولة، وأن الحصن وحراساته، وكل عائداته تتبع أحد المشائخ المتنفذين في المنطقة. لا أعرف كيف تحولت ملكية حصن تاريخي لأحد الأفراد لكن الذي أنا متأكد منه ان «الحصن» لن يكون سابقة تاريخية في عالم السياحة اليمنية، لأن «حرضة» مدينة دمت، التي هي عبارة عن فوهة بركانية، هي الأخرى لاتتبع الدولة، رغم أنها موقع سياحي رائع ويؤمه الناس للاغتسال بمياهه الكبريتية التي تعتبر علاجاً لكثير من الأمراض الجلدية. من يصدق ان «حرضة دمت» مؤجرة من قبل الدولة لأحد المتنفذين لمدة خمسة عشر عاماً وبإيجار سنوي مقداره «مائة الف » ريال يمني فقط سنوياً..! لذلك مازالت منطقة دمت غير متأثرة إطلاقاً بالنشاط السياحي فيها، لأن أبناءها لايدخل جيوبهم ريال واحد من عائدات السياحة.. لأنه حتى الأرض المحيطة بالحرضة تابعة لنفس المؤجر ويقوم باستغلالها بطريقته الخاصة. نحن هنا لانلوم المستفيدين إطلاقاً، لأن أي واحد منا لو حصل على فرصة مماثلة لتأجير الحرضة أو قلعة القاهرة أو دار الحجر لابد ان ينتهزها، وسيكون من أغبى الأغبياء إن لم يفعل.. لكننا في الوقت نفسه نتساءل : ماذا سيعود على الدولة من السياحة إن كانت المواقع السياحية لاتتبعها!؟ وكيف ستحافظ على سمعة السياحة في اليمن إن لم تكن لديها أية استراتيجية وطنية لتنظيم إدارة منشآتها !؟ فعندما تدار بعض المواقع السياحية من قبل رجال قبائل على الطريقة التي قتل بها المغترب العائد من أمريكا في حصن «حب»، فأعتقد أن لامستقبل للسياحة حتى ولو بعد قرن.. فالفوضى لاتبني وطناً وإنما تخربه.. !