مدينة دمت " الأعجوبة " .. تنفرد بطبيعة جيولوجية عجيبة وتمتلك ثروة مائية كبريتية هائلة ، يصفها الباحثون بأنها مشفى سياحي طبيعي، ولعل أهم ما يميز هذه المدينة التاريخية وجود الينابيع الكبريتية والفوهات الكلسية التي تعتبر من أندر الظواهر الطبيعة في العالم ، وخاصة المساه بالحرضة الكبيرة تلك القلعة الشامخة التي تتهيأ للانضمام لموسوعة جينيس للأرقام القياسية العالمية كأعلى حرضه كلسيه في العالم. " 26سبتمبرنت" في إطار حرصه الدائم على إبراز مختلف المعالم والمواقع السياحية على امتداد اليمن ، ومنها منطقة دمت المصنفة كمحمية للسياحة العلاجية ، التقى المهندس نوري جمال مدير مشروع دمت البيئي في مكتبه وأجرى معه حديث قصير ، لكنه مليء بالآمال العريضة المطرزة بالهموم والمشاكل الكبيرة ، فإلى نص الحوار:- * تعتبر منطقة دمت من أفضل مواقع السياحة العلاجية، لكنها شهدت إهمالا طويلا خلال الفترة السابقة ، ومنذ سنوات قليلة بدأنا نسمع عن توجه حكومي نحو هذه المنطقة ..من وجهة نظركم لماذا تأخر الترويج والاهتمام بمنطقة دمت. ** نعم قد تكون دمت مثلها كباقي المدن اليمنية الثانوية ربما شهدت تأخر المشاريع التنموية والخدمية ،لكن بالطبع وضع دمت يختلف باعتبارها تمتلك أهم ثروة مائية كبريتية في اليمن . لكن أستطيع القول ان منطقة حمامات دمت كانت على موعد مع القدر في السابع عشر من يوليو 2004م عندما زارها وفد حكومي رفيع المستوى يضم نحو12 وزيراً بقيادة دولة الأخ عبد القادر باجمال رئيس مجلس الوزراء أنذاك ، وكان الهدف من الزيارة هو تدشين إعلان منطقة حمامات دمت كمنطقة للسياحة العلاجية خاضعة للحماية البيئية،ومن ثم بدأت العجلة تدور وتم افتتاح ووضع حجر الأساس لعدد من المشاريع التنموية في مجالات المياه والصرف الصحي و وترميم جسر عامر عبد الوهاب وغيرها من المشاريع الأنشطة الأخرى ،كانت هموم دمت كبيرة بدأنا بالأهم ثم المهم وتم جمع ورفع المخلفات التي تراكمت منذ عدة سنين وبالذات التي كانت متراكمة في الشوارع الفرعية. فساد الأراضي * هموم دمت ومشاكلها كثيرة ومتعددة .. ماهي ابرز تلك المشاكل؟ ** نعم نعاني الكثير من المشاكل ، لكن اؤكد لكم ان أهم مشكلة تتمثل في التدفق المستمر للمياه الكبريتية الحارة من الآبار التي حفرت عشوائيا منذ أكثر من 10 سنوات، وما تزال تتدفق باستمرار وتؤثر على السياحة العلاجية في المنطقة ، ويمثل هذا في حد ذاته استنزافاً جائراً للمياه الكبريتية التي تعتبر أهم ثروة مائية كبريتية تمتلكها اليمن . كما ان الفساد المخيم على اراضي دمت والناتج عن ارتفاع أسعارها الذي يتجاوز سعر اللبنة الواحدة 10 ملا يين ريال، هذا الوضع جعل كل من ينتفع بقطعة ارض لا يستطيع الحصول عليها إلا بالأسلحة ،برغم أن كل منطقة دمت تعتبر أملاك عامة وأراض تابعة للأوقاف ، ولكن كل إنسان يدعي ملكيته لأي جزء من الأرض، مما يسبب لنا الكثير من الإشكاليات. ثروة ثمينة *هل لديكم إحصائيات تقديريه لكمية المياه المتدفقة من آبار دمت؟ ** الإحصائيات التي لدينا تؤكد ان كمية المياه الكبريتية التي يتم استنزافها من جميع الآبار في مدينة دمت تصل إلى حوالى 7 ملايين متر مكعب سنوياً من تلك الثروة المائية الثمينة جداً والتي لا تقدر بمال ؟ * كثير الكلام والحديث عن التحكم تدفق المياه وإغلاق الآبار .. لكن لم نلمس شيئ على ارض الواقع لماذا هذا السكوت ؟ ** قبل ان أجيب على سؤالك أحب الاستشهاد بالمثل القائل "المكسر غلب ألف مدار)" ولك ان تتخيل عندما يقوم أي مواطن بحفر بئر فانه يقوم بعمل تخريبي و يعطل أكثر من شيء فمثلاً إذا كان يحتاج لدقيقة واحدة في علمه فانك تحتاج إلى عشرات السنين لمعالجة ما قام به ، وللتوضيح فعندما قام بعض المواطنين بحفر آبار في المنطقة وبمجرد أن خرجت المياه هللوا فرحاً واستبشروا واقاموا الاحتفالات ، ثم عاد ولاستثمار هذه المياه بدون أية ضوابط . وللعلم ان عملية التحكيم في تدفق المياه الحارة في أي منطقة في العالم تحتاج لثلاثة أضعاف الجهد والمال الذي يبذل لإغلاق آبار النفط والغاز، لسبب بسيط وهو انها مياه حارة، شاذة كيمائياُ وموجودة تحت ضغط كبير ولهذا فان التحكم في آبار النفط والغاز أسهل من هذه الآبار. ومع ذلك ونظراً لان الفكرة الفنية كانت لا توجد لدينا فقد استعنا بمجموعة من الخبراء الالمان من المعهد الفيدرالي لعلوم الأرض والموارد الطبيعية وقاموا بثلاث زيارات لليمن وتم تحديد الفكرة الفينة التي سيتم بموجبها إغلاق الآبار. بعد ذلك وجهتنا مشكلة توفير الموارد المائية ، وكنا نعتبرها أسهل شيء على اعتبار أن الحكومة اليمنية مهتمة بهذا الموضوع لكنها ظلت قائمة إلى أن تم التوجيه من مجلس الوزراء إلى وزارة التخطيط والتعاون الدولي بتوفير مبلغ نصف مليون دولار للتحكم في البئر الأولي. ولك ان تتخيل أن هذا المواطن الذي استهلك حوالي 12 الف ريال لحفر بئر و"خرق" هذه المنطقة أصبحت تحتاج اليوم إلى نصف مليون دولار لإعادة الوضع إلى ما كان عليه في السابق وإغلاق البئر. ونحن الان بانتظار ما ستمل وزارة التخطيط والتعاون الدولي ونتابع وان شاء الله نحصل على المبلغ عندها سنبدأ بإجراءات إغلاق احد الآبار والتحكم في تدفق المياه. أعلى حرضه في العالم * وماذا عن الجانب السياحي وتطوير المواقع السياحية وخاصة منتجع "الحرضه" الكبيرة ؟ ** عملة تنمية وتطوير المواقع السياحية ليست مهمتنا فقط ، بل ان وزارة السياحة وهيئة التنمية السياحة تبذلان جهوداً كبيرة في هذا المجال ، وخاصة للاهتمام بالفوهات الكلسية في دمت التي تعتبر من أندر الظواهر الطبيعية الموجودة في العالم، وللعلم ان الحرضه الكبيرة تعتبر أعلى حرضه كلسية في العالم وهي ليست فوهة بركانية كما يعتقد الكثير ولكنها عبارة عن بناء كلسي تكون من الأسفل إلى الأعلى عندما كانت تخرج المياه المحملة بالكلس وتم البناء على طريقة بناء بيوت النمل، ولذلك فان هذه الحرضه يمكن ان تدخل في موسوعة جينيس للأرقام القياسية ونحن نعمل حالياً في هذا الاتجاه. موسوعة جينيس * ماذا تعملون ..هل لك ان تحدثنا أكثر عن هذا الموضوع ؟ ** حقيقةً أقوم شخصياً ومعي العالم الجيولوجي اليمني الدكتور محمد علي متاش بتجهيز وثيقة تتضمن توصيف هذه الظاهرة ، بحيث يتم توصيف المنطقة كاملة وتوصيف ظاهرة الفوهات الكلسية الموجودة ، ومن ثم سنقوم بعمل قياسات دقيقة جداً،وبعد الانتهاء من إعداد الوثيقة سيتم تقديمها إلى اللجنة القائمة على موسوعة جينيس ، ومن ثم تأتي ستقوم بعثة دولية بزيارة لليمن وبالتحديد منطقة دمت للإطلاع عن قرب عن الفوهات الكلسية والتأكد من القياسات ومدى اهتمام الحكومة في الحفاظ على هذه الفوهة على المدى البعيد ، ثم ستقوم اللجنة بالإعلان عن طلب اليمن والتأكد من عدم وجود أية تحفظات من جميع دول العالم على الطلب لضم الحرضه الكبيرة لموسوعة جنيين للأرقام القياسية ، بعد ذلك يتم أدراجها وتعطي شهادة بذلك ومنحة مالية تبلغ مليون دولار سيخصص عندئذ لتحسين وتطوير هذا المنتجع ذات الخاصية السياحية العالمية . ولهذا الغرض احب ان اشدد على ضرورة منع أية استحداث جديدة أو بناء منازل حول هذه الفوهات أو على جدارنها الخارجية لان مثل هذه الأعمال ستكون بمثابة التخريب الذي يمكن ان يقضي على هذه الأمل .
معلم سياحي عالمي ** ماذا ستستفيد اليمن غير المنحة المالية في حال ضم الحرضه لموسوعة جينيس ؟ ** بالتأكيد سنستفيد الكثير ، لانه في حال تم قبول طلب اليمن ستتجه الأنظار من مختلف أنحاء العالم نحو منطقة دمت ، وستصبح الحرضه واحدة من أهم المعالم السياحية العالمية يقصدها السياح والزوار من مختلف أنحاء المعمورة للإطلاع على أعلى حرضه كلسية في العالم ، وستضاهي في صيتها قمة جبال افرست ، الأمر الذي سيعمل على إحداث نهضة تنموية وتطويرية سريعة وخاصة في المجال السياحي ، وهو ما سينعكس على المستوى المعيشي وازدهار الحركة التجارية فيها لمواكبة زيادة إعداد الزائرين والوافدين لهذا المدينة من اليمنيين ومن السياح العرب والأجانب . وللعلم ان هذه المنطقة أصبحت حاليا تشكل مورداً اقتصادياً لذوي الدخل المحدود والذين يفترشون الأرض والباعة المتجولين الذي يصل عددهم إلى نحو 20 الف بائع يتاجرون في مختلف مستلزمات الاستحمام وحاجيات الوافدين إلى المدينة للاستمتاع بالمياه الحارة الكبريتية، فما بلك بعد إدراجها في موسوعة جينيس للأرقام القياسية العالمية.