في اجتماع مجلس نقابة الصحافيين مطلع هذا الأسبوع، وبعد نقاش امتد لساعات برزت أهمية التفريق بين أداء القائمين على النقابة لصالح المهنة والمهنية، وبين الأهواء والأمزجة الشخصية التي تتحكم في بعض قياداتها. والحق يقال إن هذه الإشكالية ظلت ولاتزال قائمة وبحاجة إلى شجاعة في مواجهة أولئك الذين يخلطون بين مهامهم النقابية التي أوكلت إليهم في خدمة المهنة والمنافحة عن المنتسبين إليها؛ وبين قناعاتهم الفكرية والشخصية والسياسية. حتى إن بعض تلك الممارسات تركت انطباعاً عاماً بصعوبة الأداء المهني النقابي الذي يعود على المنتسبين بالخير والفائدة؛ هذا إذا لم تؤد تلك التصرفات إلى الإساءة لزملائهم الصحافيين، ولطالما كنت من الناقدين لمثل هذه الممارسات. ولقد ازدادت قناعاتي اليوم مع بروز خلط واضح لدى بعض الزملاء أعضاء النقابة بين مواقعهم التي يشغلونها، حيث يسخّرونها في تدبيج التصريحات والبيانات لسبب ودون سبب، وبين أي سجال يدور حول مختلف القضايا والمستجدات على الساحة الوطنية.
وأجدني هنا - على سبيل التذكير - التنويه إلى انحياز بعض قيادات النقابة في موقف لا يُحسدون عليه وهم يتهمون زملاء لهم في صحيفة «الجمهورية» بالس فهاء وغير المحترمين «!» في وقت كان واجب أي متضرر من تناولات «الجمهورية» أو غيرها بالرد على تناولاتها مباشرة دون الحاجة إلى تدبيج تصريحاتهم باسم اللجان والمناصب التي يحتلونها في نقابة الصحافيين. وهو ما ترك عند الجميع مسحة من العتب الشديد على مثل هذه التصرفات التي تخلط بين المواقف السياسية والشخصية؛ وبين المهام النقابية التي يتقلدونها.
إذن ثمة خيط رفيع يفصل بين الانتماء للمثل النقابية والتعبير عن أمانة المسئولية الملقاة على عاتق قيادة النقابة وحجم الثقة التي حمّلنا إياها الزملاء الصحافيون؛ وبين الأمزجة السياسية والذاتية التي تتحكم في تبيان وجهات النظر إزاء ما يدور من سجال سياسي وإعلامي عبر وسائل الإعلام المختلفة.
وبالمناسبة فأنا هنا لا أدافع عن شخص أو أشخاص، بل أعبر عن قناعة تامة بضرورة النأي بالنقابة وأدائها عن كل ما يجر إلى شق وحدة الأسرة الصحفية أو يقحمها في سجالات عقيمة لا تترك خلفها غير توسيع الشقّة بين زملاء الحرف. والأهم من كل ذلك هو أن نُبقي النقابة صرحاً للمهنية، والنأي بها عن محاولات اختطافها كما تعارف عليه بتسجيل مواقف لا ناقة للصحافيين فيها ولا جمل. وخواتم مباركة.. ولا حول ولا قوة وإلا بالله.