كانت منظمة الأغذية والزراعة الدولية «الفاو» قد اعلنت قبل عام ان مناطق عديدة من العالم ستشهد تقلبات مناخية غير مسبوقة تتمثل في ارتفاع الحرارة والجفاف والأمطار الغزيرة في غير موعدها هنا وهناك تسفر عن فيضانات وانجرافات وانهيارات أرضية تخلق خسائر كبيرة كما حدث قبل في تركيا والصين وبنجلادش والهند وتايلاند والصين والمكسيك والجزائر. وذكرت ان اليمن بالتحديد ستشهد ارتفاع درجة الحرارة والجفاف وشح ونضوب المياه وارتفاع منسوب مياه البحر واحتمال غمر عدة جزر وسواحل منخفضة عن اليابسة المحيطة بها، وتوقع كثيرون ان تبدأ السنوات القادمة ابتداءً من هذا الموسم للأمطار التي تأخرت بعض الوقت عن موعدها وتضررت الزراعة في كثير من المناطق لدرجة اليباس ثم هطلت الأمطار وزرع المزارعون أراضيهم وقامت من جديد مع استمرار الأمطار. إلا أن الظواهر الجديدة تخللت الأسابيع الماضية كالسيول الجارفة والانهيارات الصخرية واختراق السيول اراضي كانت بعيدة عن مجاري المياه المعتادة لعشرات أو مئات السنين وبحمد الله توشك المحاصيل أن تبلغ مدتها المقدرة كأي موسم زراعي ناجح يوفر ما يحتاجونه من الطعام والاعلاف لحيواناتهم أشهراً وإن كانت قليلة بالنظر إلى ارتفاع عدد السكان وهنا نتذكر ما حدث قبل اربع سنوات أو أقل في محافظات عديدة من فيضانات وانهيار منازل وإتلاف طرق وموت وتشريد العديد من البشر والحيوانات النافعة. وما حدث أيضاً قبل فترة وجيزة في محافظتي حضرموت والمهرة وبلغت الخسائر والاضرار مبلغاً لا يقل عما وقع في المرة السابقة في الوقت الذي كانت عمليات إعادة بناء البنية التحتية فيها مستمرة بما في ذلك إعادة تأهيل السكان أو تعويضهم وإغاثتهم وبأموال ليست بالقليلة ، مع وضع خطط جديدة للابتعاد عن مجاري السيول وروافدها النازلة من الجبال والوديان المرتفعة وتحذير الناس من العودة إلى البناء مجدداً في أماكن قريبة من مجري السيول ومعرضة لمثل ما تعرضت له غيرها في المرتين السابقتين. وليس هذا في حضرموت والمهرة فحسب بل في انحاء اليمن التي دأب سكانها الاقدمون على بناء مساكنهم في ضفاف الوديان الخضراء أو بالقرب منها إلى أن قام بعض سكان المدن مثل تعزوصنعاء وعدن بالبناء وسط مجاري السيول وكانوا دائماً يتعرضون للخطر وللخسائر جراء دخول المياه إلى بيوتهم ولولا مشروع حماية تعز من كوارث السيول وإصلاح سائلة صنعاء القديمة لكانت الأمور مأساوية أكثر من أي وقت مضى وقد تتكرر المأساة إذا لم يتوقف المواطنون عن رمي مخلفاتهم الصلبة ومنها مخلفات بناء تحت جسور المشاة المقامة على مجرى سائلة القمط والعواضي والنسيرية والسواني وثعبات وسائلة صنعاء القديمة