تردد الكلام كثيراً عن الحوار وضرورته باعتباره الوسيلة الصحيحة لحل المشكلات التي تواجه المجتمع اليمني وخاصة مشكلة صعدة التي أشعلها المتمرد حسين الحوثي وتسلم الراية منه أخوه عبدالملك الحوثي الذي مايزال راية التمرد والخروج على ثوابت الأمة اليمنية حتى اليوم. ونحن نؤمن بأن الحوار وسيلة حضارية متقدمة تؤمن به المجتمعات التي تنشد الخير والتقدم والسلام ،وماسلكت المجتمعات سبيل الحوار إلا ووصلت عبر ذلك السبيل إلى بر الأمان ، هذه الوسيلة الحضارية لها مبادئها واسسها المنطقية والعقلية ومتى ما توفرت تلك الأسس الموضوعية والمقدمات المنطقية لوسيلة الحوار فإن المتحاورين يلتقون في منطقة آمنة تضمن لهم التعايش وتكفل لهم الاستقرار والأمان. أما إذا انعدمت شروط الحوار الموضوعي ومقدماته السليمة فإن ذلك لايسمى حواراً ، بل يعتبر ضرباً من المماحكات والمغالطات التي لايريد أصحابها تحقيق أهداف مشروعة وانما يريدون الالتفاف وتزجية الوقت حتى تتوفر لهم الفرص لتحقيق أهداف غير مشروعة. بعد هذه المقدمة دعونا نتوقف قليلاً مع أولئك الذين ينادون بالحوار مع المتمردين على النظام والقانون والدستور في صعدة ، ونتساءل هل هؤلاء موافقون على شروط الحوار الموضوعية والمنطقية؟ فإن قالوا نعم فإن الخطوة التالية هي تحديد مبادئ الحوار هذه المبادئ في رأينا من أهمها أن مايخص ثوابت الأمة اليمنية لايجوز التحاور فيه على الاطلاق ومن أهم تلك الثوابت النظام الجمهوري والوحدة اليمنية ومن أهم المبادئ كذلك تحريم الوسائل التي تفضي إلى تفريق الشعب اليمني وزرع الاحقاد بين ابنائه واثارة المناطقية والطائفية والمذهبية والجمهورية هذان المبدآن في اعتقادي يعتبران من أهم المبادئ التي ينبغي أن تتوفر لدى الحوثيين قبل البدء بأي حوار. هل يعتقد الداعون إلى الحوار بأن الحوثيين يمكن أن يسلموا بأن النظام الجمهوري في بلادنا هو أمر مقدس وثابت من ثوابت الأمة اليمنية لايجوز المساس به إلا بموافقة كافة أبناء الشعب اليمني؟ على المنادين بالحوار التوجه بالسؤال إلى المتمردين في صعدة وعليهم أن يوفوا أهل اليمن بالإجابة. أما المبدأ الثاني المتعلق بالحفاظ على نسيج البنية الاجتماعية والنفسية والثقافية والفكرية التي يقوم عليها نظامنا الاجتماعي فإنه كذلك من أهم المبادئ التي لامجال للحوار فيها. ولكن ماذا لدى الحوثيين في هذا الموضوع أعتقد أن لديهم الكثير الكثير الذي يهدد سلامة البنية الاجتماعية والثقافية والفكرية في المجتمع. هم يسعون إلى انشاء كيانات طائفية ذات بنية فكرية وثقافية ونفسية بعيدة كل البعد عن الواقع الاجتماعي ،ولذلك فإن خروجهم على الدولة قد كان سببه الرئيس المطالبة بإمام من أهل البيت وهذا المطلب داخل في صميم عقيدتهم الدينية.. وعندهم أن من لم يؤمن بأن الإمام منهم فهو كافر ،كما أن مسلمات عامة الناس من أبناء اليمن ومن أبناء العرب والمسلمين هي محل انكار وتكفير عند هؤلاء. فعامة الصحابة هم كفار لأنهم اغتصبوا حق علي في الخلافة. ومصادر الحديث النبوي كالبخاري ومسلم وغيرهما هي مصادر مكذوبة وغير صحيحة والعمل بما فيها غير جائز ومايقيمه عامة الناس من شعائر دينية كالصلاة وخاصة صلاة الجمعة عمل غير صحيح وباطل لأن هذه الصلاة لاتصح إلا بظهور الإمام المهدي ،ومن يخالف آراءهم ومعتقداتهم فهو كافر نجس وهكذا وجدنا عند تلاميذ هذه المدرسة الإمامية الاثني عشرية التي يحاول الحوثيون جلبها إلى اليمن ما يجعلنا نتساءل باهتمام عن ماهية الحوار الذي ينادي به بعض الناس. على ماذا تحاور الدولة هؤلاء هل تسمح لهم بالخروج والدعوة إلى إمام جديد أم هل تسمح بانشاء المدارس والمعاهد الدينية التكفيرية التي تكفر عامة المسلمين هل تسمح الدولة بفرض رؤاهم الفكرية بقوة السلاح على النحو الذي يقومون به في صعدة؟ أم هل تسمح لكل جماعة أن تنشئ لها مذهباً، متطرفاً، متعصباً وتفرضه على ما استطاعت السيطرة عليه من الخارطة اليمنية. وبذلك نتخلى عن اليمن الجمهوري الوحدوي ونعود إلى جحور الإمامة والطائفية والقروية ،هذه أسئلة بانتظار أن نجد اجاباتها عند كل من يتبنى الدعوة إلى الحوار وفي ضوء الاجابات المنتظرة على الشعب اليمني أن يقرر خياراته.