أسواقها عجب.. سكانها تعب.. شبابها ِقرَبْ.. فلا تكثروا العتب.. هذه الكلمات فرضت نفسها عليّ وأنا أقف متأملة مشهد الحياة في منطقة بير باشا التي لا أدري لماذا لا تحصل على حقها الكافي من الرعاية والاهتمام؟! فهل يكفي مثلاً إزالة أسواق القات لتبدو بير باشا بشكل حضاري؟ لا يكفي ذلك أبداً.. أبداً بل كأننا بذلك جسدنا المثل القائل «عمياء تخضب مجنونة». فالعمياء هي القرارات التي لاتطال بيرباشا والمجنونة هي بير باشا نفسها. في إجراءات القضاء على الكلاب الشاردة لم تحظ بير باشا إلا بكلاب واردة! ولكم أن تسألوا الناس هنا كم يزداد عدد الكلاب بل أشك أنها أصبحت ضارية أكثر من قبل فلربما تكون أخذت جرعة سم غير كافية جعلتها «كلاباً حاقدة» على البشر!! والغريب أنها أصبحت تصدر أصواتاً كأصوات الذئاب فلم تعد تنبح بل أصبحت تعوي وكأنها تطبق على أصحاب البلدية مبدأ «خذوهم بالصوت» وفي قرار تدشين محاربة البعوض الذي افتتحه الأستاذ الصوفي شخصياً لم نر أحداً من عمال الابادة يدخل حارات بير باشا ولكم أن تسألوا الناس أيضاً!! في حملة التحصين ضد شلل الأطفل أيضاً لم نر تغطية شاملة للمنطقة وكوني واحدة من سكان بير باشا فأنا أعني ما أقول وأتوحد بقوة مع معاناة الناس هنا لأنهم غالبية جاهلة.. أسواق بير باشا وخاصة سوق الخضار الرئيسي في المنطقة مكان موبوء جداً بأنواع الحشرات وحتى مذبح الدجاج في السوق بدائي جداً ولا يمت للصحة بصلة.. وكأن هذا التهاون في إبقاء مخلفات الدجاج والخضروات والفواكه التالفة لا ينقل الأمراض.. بل أشك انها ستكون هناك سلسلة أمراض جديدة إذا لم يؤخذ الموضوع بعين الاعتبار من الجهات المعنية أم أن سكان بير باشا ليسوا من أبناء هذا الوطن؟!! في الحقيقة كدت أسقط من شدة الحيرة والغضب حين داهم السوق مرة مجموعة من العسكر ليمنعوا وجود المظلات داخل السوق وقاموا بعملية شد وجذب مع الباعة وحملوا المظلات على سيارة الطقم ورحلوا!! وكأن المظلات هي الشيء الوحيد الذي يفسد جمال السوق.. ويشوّه منظره الخلاب!! أما بالنسبة لشباب بير باشا فإنهم جيل حروب بيضاء الغالبية يحمل سكيناً باستمرار أصحاب «قعشة» رديئة، أساتذة في لغة الشتائم الرخيصة.. الكثير منهم يحمل ألقاباً تدل دلالة كبيرة على فراغ الوعي الاجتماعي والولاء الوطني.. أليس من العيب أن يكون الوطن بحاجة إلى عطاء مثل هؤلاء الشباب ولا يمنحهم أصحاب المسؤولية حقهم في حياة كريمة تخدم الوطن أولاً وأخيراً؟!! وعندما أطلقت عليهم لقب «قِرَبْ» في مطلع المقال قصدتُ ذلك لأنه الآن أصبح التفاهم معهم صعباً للغاية خاصة وأنك تلاحظ على سحنة البعض مسرحاً للتعاطي أو الإدمان أو الجنوح.. وربما الرذيلة!!! من يدري؟!! أين التوعية الشاملة الكاملة؟! أين عُقّال الحارات في بير باشا؟!! أين خطباء المساجد؟!! لا يكفي الحديث عن فضل صيام عاشوراء، أو ضرب الزوجة الناشز أو الالتفاف حول أولياء الأمور!! هذا لا يكفي أن يُطرح على المنابر.. بل يجب أن نسعى لخلق آلية جديدة توظف إمكاناتنا البشرية خاصة الشباب في خدمة المجتمع والذود عن حِمى الوطن.. تستطيع إدارة المحافظة عمل حملات توعية وإرشاد.. وتستطيع كذلك عمل أبحاث وإجراء دراسات حول مستوى التحصيل الخدمي الذي تفتقدهُ بير باشا.. وهذه رسالة وطنية لم نكتبها إلاَّ بحبر الحُب لهذا الوطن ولهذه المنطقة التي أقطنها. والحقيقة إذا تأملنا التقسيم الجغرافي لتعز سنجد أن المستوى المعيشي المدني الأكبر هو من نصيب هذه المنطقة التي لا ناقة لي فيها ولا جمل، حيث نجد مستوى معيشياً «معقولاً» في الحوبان.. الكمب نزولاً وصولاً إلى الحوض والمسبح ووادي القاضي كمستوى معيشي «متوسط» وصولاً إلى الحصب.. بير باشا المطار القديم كمستوى معيشي متدنٍ!! وأزيدكم من الشعر بيتاً فإن نصيب بير باشا والمطار القديم من إنطفاء الكهرباء هو نصيب الأسد حيث يصل معدل الإنطفاء إلى ست مرات يومياً بمعدل تشغيل يصل إلى ثلاث أو أربع ساعات عمل فقط!!! فهل بقي علينا عَتَبْ؟!! تذكرت أفلام كرتون مشهورة شاهدتها مرة مع أولادي عبارة عن بطة بيضاء يتبعها صغارها ويرفضون وجود بطة سوداء لمجرد أنها سوداء.. وهذا هو حال بير باشا.. لا تقللوا من شأن هذه المنطقة، فالمشاريع القادمة تبشر أنها ستكون ذات شأن!! وربما تصبح «الكمب2» من يدري ساعدونا في الحصول على بيئة جيدة لتربية نشء يخدم الوطن وهذا يكفي إذا كنتم تحبون اليمن.. قبل أن تبتلع البيرُ أبناءها..