بدأت جلسات انعقاد المؤتمر الثالث للمغتربين اليمنيين السبت الماضي وانتهت جلساته أمس الاثنين.. وستكون خلاصة ذلك المؤتمر، الذي حضره حوالي أربعمائة شخص بين مغترب وضيف شرف، مكتوبة على الورق تنتظر من يقوم بتفعيلها وتطبيقها على أرض الواقع ليستفيد منها المغترب والمواطن والوطن على حد سواء . غريب أمر بعض الذين يدّعون فهماً ووصلاً بالسياسة والعمل السياسي وثقافة أخرى لها صلة وثيقة بأمور الدولة أو هكذا يقولون ويكتبون عن أنفسهم.. أحد هؤلاء أطلّ عبر شاشة قناة فضائىة وتحدث وأسهب في الحديث عن الوضع الراهن في البلد ووصف الداء والدواء لينتهي به الحال لوضع مبررات كافية من وجهة نظره لأن يتمرد المتمردون في صعدة ويحاربون الدولة ويفعلون كل مايقومون به من أعمال تخريب وتدمير وكل ما نسمع عنه ونراه عبر الشاشات وفي الواقع.. والحقيقهة أنني لم أكن أود أن أكتب عن المؤتمر والسلبيات التي سايرت الاستعدادات والتخطيط المسبق لانعقاده واختيار الأشخاص الأكفاء الذين يمثلون شريحة المغتربين والعدد الكبير من المدعوين ومدى فاعليتهم وتفاعلهم مع المغتربين وأشياء أخرى حرصاً مني على سير جلسات المؤتمر بإيجابية وسعياً في المساهمة بإنجاح ذلك المؤتمر ولو حتى بالحد الأدنى، فالنجاح أو التوفيق للمؤتمر هو الهدف أياً كانت السلبيات المصاحبة للتجهيز والإعداد للمؤتمر الثالث للمغتربين . ومادام المؤتمر قد عقد وانتهى كل شيء وأصبحت نتائجه وأحلام الحاضرين مكتوبة على الورق فإنه قد حان أن نكتب عن بعض وليس كل ما يجول في خواطرنا ككُتّاب أولاً وكمغتربين ثانياً لنتفادى ذلك مستقبلاً عندما ينعقد مؤتمر يختص بالمغتربين . لقد تم الاستعداد لانعقاد هذا المؤتمر دون أن يكلف نفسه المسئول عن تجهيزات وترتيبات انعقاد هذا المؤتمر الاتصال بكثير من المغتربين رغم أن عناوينهم البريدية والالكترونية معروفة لمناقشتهم والتواصل معهم والاستزادة بآرائهم . وأنا هنا أعني بعض الكفاءات العلمية والأدبية لمجرد التحاور والمناقشة والاستماع إلى آرائهم والاستفادة من تلك الآراء. وحتى أكون صريحاً وواضحاً فقد كنت آمل أن أتلقى أي استفسار عن المؤتمر على بريدي الالكتروني ولم يكن هدفي إطلاقاً المشاركة فيه أو السعي للحصول على دعوة لحضور جلساته تدفع فاتورتها الوزارة، فلست بحاجة إلى ذلك، بل كنت سأعتذر لاعتبارات مختلفة ولكنني لن اعتذر لإبداء رأيي وطرح ما تختزنه ذاكرة السنين عن الاغتراب وشجونه. ورغم علمي أن الوزير وآخرين قد قاموا بزيارات متعددة لكثير من البلاد التي تحتضن عدداً من المغتربين إلا أنهم لم يستطيعوا أن يلتقوا بالكثير منهم والتواصل مع الكثير منهم وتلك مهام المسئولين في تلك الوزارة. ورغم علمي واطلاعي على الموقع الالكتروني للوزارة المذكورة إلا أن ذلك الموقع ليس معوقاً فقط بل جامداً ومشلولاً. لقد كتب الكثيرون عن المؤتمر وطُلب مني أن أكتب عن هذا المؤتمر وإذا كنا - نحن معشر الكتاب حاملي القلم وموهبة الكتابة وحاملي هموم كل مغترب - لم نسأل حتى مجرد سؤال للفائدة فمن عساه يستطيع أن يعبر عن أحوال المغتربين وآلامهم؟! هل يستطيع عامل في ورشة أو بائع في بقالة وسباك ونجار وسائق أن يصفوا أشكال معاناتهم في المهجر بشكل واضح ؟ كان من الأفضل ومن المجدي والمفيد للوزارة وفي وقت كاف إنزال مسودات استبيان ودراسات علمية على بعض الشرائح المغتربة من خلال تجمعات الجاليات أو ما نسمعه من تسميات كرئيس الجالية ونائب رئيس الجالية وغيرها من المسميات. إحدى الكفاءات اليمنية المهاجرة في أمريكا وهو الأستاذ محمد الدعيس كتب موضوعا عن مؤتمر المغتربين يستحق أن يكتب بماء الذهب لصواب الفكرة ووضوح الهدف وبعد الرؤية، مثل هذه العينة من المهاجرين يجب ان ترفع لهم الوزارة القبعة للتحية . ومن أجمل ما خطه الأستاذ محمد الدعيس قوله: (لا نحتاج إلى حلول جزئية غير مدروسة وغير مخططة وغير متأنية تختزل في مؤتمر واحد لم يتم الإعداد والتحضير له بشكل كافٍ ولم يشمل أي إحصاء لعدد المغتربين والمهاجرين ولا طبيعة أعمالهم ولا بحث دقيق عن الكفاءات والخبرات والمختصين من كل بلدان الهجرة والاغتراب التي يمكن أن تحدث تغييراً حقيقياً) لقد تم الإعداد والتحضير لمؤتمر المغتربين السوريين لأكثر من عامين وعليكم المقارنة . شريحة المغتربين هي شريحة كبيرة بعددها وثمينة بكفاءاتها وإمكانياتها وخبراتها وتعدد ثقافاتها ونجاحاتها في بقاع العالم، تستحق تلك الطيور المهاجرة أن تكون مدعوة و شريكاً مساهماً فعالاً في كل المؤتمرات التي تنعقد في الوطن اليمني كل حسب تخصصه بدلاً عن جمع كل تلك الخبرات في مؤتمر يعقد كل سنتين أو أربع ونعجز عن تنفيذ الحد الأدنى من قرارات المؤتمر. لماذا لا توجه دعوات المشاركة مثلاً لرجال الأعمال المغتربين عند انعقاد أي مؤتمر لرجال الأعمال والتجارة في اليمن وكذلك توجه الدعوات للأطباء اليمنيين والصيادلة المهاجرين للمشاركة في مؤتمر في الوطن مثلهم كمثل الأطباء والصيادلة الآخرين، وكذلك الحال بالنسبة للأدباء والفنانين وبقية الشرائح، في هذه الحال سيكون المغترب اليمني المتخصص قريباً من جو بلده وسيساهم في إيجاد حلول لمشاكله المتعددة بعد احتكاكه بزملائه وتبادل الخبرات معهم وهي من أهم أهداف انعقاد المؤتمرات، كل ذلك بدلاً من أن يجتمع في مؤتمر ثلاثمائة فرد أو أربعمائة مهاجر متنوعي الخبرات والتخصصات، فمن المؤكد أن الوزارة المعنية ستضيع جهودها بين الكم الهائل من المغتربين وسيكون طريقها أقرب إلى الفشل لصعوبة تحقيق رؤية كل هؤلاء، فمهام الوزارة ستكون محصورة في هذه الحالة على شريحة محددة عند كل مؤتمر معين، أما اجتماع يضم بين ظهرانيه مئات من ممثلي كل الشرائح المغتربة فأنا لا أدري كيف من الممكن أن تلبي وزارة المغتربين طلبات كل هؤلاء المتعددة؟! بل إنني أسأل: هل تستطيع الوزارة الاستماع إلى آرائهم جميعاً قبل أن يعودوا إلى مناطق هجرتهم دون أي امتعاض منهم ؟ بتجزئة تخصصات مغتربينا وحصر مؤهلاتهم العلمية والعملية واعتماد مشاركات ذوي الاختصاص منهم في كل مؤتمر يعقد في بلادنا دمج لهؤلاء الكفاءات في الجو العام للبلد وجذبهم للمساهمة في مجالات التنمية المتعددة . وأقول إنه رغم تعدد المؤتمرات التي ستكون وزارة المغتربين في هذه الحال طرفاً فيها لوجود من تمثلهم أو ترعاهم حاضرين في المؤتمر إلا أن التكاليف التي ستصرفها لمجيئهم لن تصل إلى ما وصلت إليه مصاريفها للمؤتمر الثالث حسب اعتقادي. وأزيدكم من الشعر بيتاً أن الوزارة ستكون في مأمن من العتب من الجاليات ورؤسائهم الذين يصفهم الكثير بأنهم غير أكفاء لحضور مؤتمرات وأنهم كانوا يسعون لإدراج أسمائهم لحضور المؤتمر دون مراعاة للكفاءة، كل همهم هو الظهور على الشاشة وكذلك انجاز بعض المهمات الخاصة ولا يمكن التعميم في هذه الحالة على الجميع لكن هذا ما نسمعه من البعض.. في الأخير قد أكون مصيباً فيما طرحته وقد أكون مخطئاً ولكنني أجد نفسي مصيباً في طرح الموضوع للنقاش بشفافية مطلقة.