لا أحد يستطيع أن ينكر على تعز وأبنائها تطلعاتهم وطموحاتهم وحاجتهم إلى المزيد من الاهتمام والمشاريع الخدمية والتنموية والخطط الاستراتيجية التي توفر وظائف وفرص عمل تستوعب الشباب والخريجين في هذه المحافظة الأكبر سكاناً والأكثر تميزاً بالحالة الثقافية والتعليمية والسلوكيات الحضارية التي يجسدها أبناؤها. ولا أحد يستطيع أن يزايد على أحد من أبناء هذه المحافظة لجهة تبني مطالب مشروعة، فكلنا نلتقي عند نقطة أن تعز لم تنل بعد كل ما تطمح إليه وكل مايتطلع إليه أبناؤها.. وأن على السلطة والحكومة أن تعمل على معالجة كافة المشاكل والقضايا والملفات الساخنة في تعز ومن ذلك مشكلة المياه التي طال أمدها ، وإعادة النظر في نسبة الدرجات الوظيفية التي تعطى لهذه المحافظة الكبيرة وأيضاً الآليات الكفيلة بحصول المستحقين وأصحاب الكفاءات على هذه الوظائف وليس أصحاب الوساطات والمحسوبيات، فضلاً عن حل المشاكل المتعلقة بالأراضي وإجراءات القضاء، وإنجاز مشروع المطار الجديد بمواصفات دولية وبناء الأستاد الرياضي الدولي أو المدينة الرياضية المتكاملة وغيرها ، ناهيك عن المشاركة الفاعلة في كافة المواقع والمسئوليات. لكن في المقابل هل هذه المشاكل والاحتياجات والهموم والمتطلبات لا تنحصر بالأخ محافظ تعز حتى ينبري البعض لتنصيب أنفسهم كأولياء وأوصياء على هذه المحافظة..؟ وهل نصدق أن دعوات هؤلاء المفاجئة وفي هذا التوقيت هي نضال حقيقي لمصلحة عامة أم أنها مجرد ركوب موجة «حراكات» تحركها شخصيات لها نفوذ قبلي ومالي واستثماري أخذته في الماضي على حساب أبناء هذه المحافظة وتريد أن تعززه في الحاضر والمستقبل بالمزايدة على قضايا وهموم ابناء هذه المحافظة؟. ومن سوء طالع هؤلاء أنهم يطلقون دعواتهم في محافظة يتميز أبناؤها عن غيرهم بمستوى مرتفع من الوعي والفكر الذي لم تعد تنطلي عليهم معه الشعارات الرنانة والبراقة والمشاريع التي تدغدغ العواطف .. ويدركون أكثر من غيرهم الثمن الباهظ الذي دفعته محافظتهم ودفعوه هم في الماضي جراء الانسياق وراء شعارات وايديولوجيات جوفاء وعقيمة زرعت الوهم وحصدت الشوك.. ومن يراجع التاريخ جيداً يدرك أن تعز كانت شريكاً فاعلاً بل وبارزاً في معادلة النضال الوطني وفي مرحلة مابعد الثورة وقيام الجمهورية وحضور أبنائها اللافت جنباً إلى جنب مع باقي محافظات ومناطق البلاد بمناضليها وكفاءاتها ورموزها الاجتماعية والقبلية، حتى جاء البعض رافعين شعارات تقدمية ووصم الغير بالرجعية والتخلف وربطوا ذلك بممارسات ومغامرات وتصفيات دموية كان لها تبعات سلبية على المحافظة وأبنائها وإعادة صياغة واقع جديد فرضته زوبعاتهم واستغله آخرون ومتمصلحون استفادوا من حالة المحافظة آنذاك ويريدون أن يستفيدوا اليوم من حالتها الراهنة وتطلعات أبنائها المشروعة. وبالتالي فإن من حقنا اليوم في تعز أن نعبر عن همومنا وتطلعاتنا ومن واجب الدولة أن تلبي احتياجاتنا ومطالبنا.. لكن لا ينبغي أن نقع مجدداً في الفخ الذي نصبه لنا في الماضي الأدعياء والمغامرون الذين خدموا بأفعالهم تلك مصالح آخرين بصورة مباشرة أو غير مباشرة.. ومن أجل فتات وحب ظهور وزعامة يخدمون بالشعارات التي يرفعونها مصالح تلك الرموز المتنفذة باسم القبيلة والهنجمة المسلحة وبقوة المال والمشاريع الاستثمارية والتجارية التي امتلكوها بفعل التنفذ والبلطجة والسطو والهبر وحيازة امتيازات ووكالات تجارية كانت في الماضي أقرب إلى رجالات التجارة الحقيقيين والأصليين ومن بينهم كثير من أبناء تعز قبل أن يصبح الحصول عليها رهن القوة والوسائل غير المشروعة التي ارتبطت برموز يعرفها الجميع ويعرف أن منطقها أنها لا تخشى شيئاً في هذا البلد مادامت تحميها القبيلة ويسندها داعي العشيرة وعصبيتها.