لولا أننا نشهد بأم أعيننا بعض غرائب وعجائب القطاع الصحي لقلنا إنها من أساطير ألف ليلة وليلة!. طفل يدخل مستشفى لإجراء عملية لوزتين فيخرج منها محمولاً على النعش.. وآخر بتر أحد المستشفيات أصابع قدمه الخمس، واعتذرت لأسرته عن «الخطأ الطبي» وقبل أسبوع دخل أحد الأطفال مستشفى الثورة العام بتعز لإجراء عملية ختان، فخرج منها دون عضو ذكري، فقد بتر الطبيب عضوه بخطأ طبي..!!. في العصر الذي يعيش فيه العالم ثورة طبية، ولا يمر يوم دون إعلان عن اكتشاف أو اختراع طبي جديد، تضاعفت معدلات الجرائم التي ترتكب داخل المستشفيات اليمنية وخاصة الأهلية منها، حيث إن هناك آلاف النساء يقتلن أثناء الولادة سنوياً، وعشرات آلاف الأجنة يقتلون سنوياً بسبب الأخطاء الطبية أثناء عملية التوليد. وأصبحت اليمن في صدارة دول العالم بإعداد النساء اللواتي يلدن بعمليات قيصرية أو عمليات توسيع جراحية، ومع أن أطباء العالم بأسره يجمعون على أن مثل هذه العمليات هي «خيار المستحيل» الذي يتم اللجوء إليه بعد عجز كل الوسائل الطبية الأخرى، إلا أنها في المستشفيات اليمنية هي الخيار الأول إلا في حالة العجز عن إقناع المرأة وأسرتها بإجراء العملية يتم الاستسلام للولادة الطبيعية، وحينها فقط تكتشف الأسرة أن موعد الولادة الطبيعية لم يأت بعد، وان على ابنتهم الانتظار لساعات طويلة أو ربما أيام، وأن هذه المسالخ الطبية لم يكن همها سوى المحفظة المالية للمريض. ولأننا مجتمعات شرقية محافظة، وأن المرأة مازالت في ثقافتنا «عورة» لذلك يخجل أحدنا الحديث حول هذه الجرائم، وليس بيننا من يجرؤ على الشكوى بأن الطبيبة أجرت لزوجته توسيعاً جراحياً أو عملية قيصرية فشوهت جسمها، رغم أنها لم تكن بحاجة للعملية. ولأن نساءنا أيضاً أكثر خجلاً منا، بل يحرمن على أنفسهن الخوض بمسائل الجمال وتشويه الأعضاء، لذلك يفضلن مكابدة الآثار النفسية، وما قد يترتب عنها من انعكاس على الحياة الزوجية، في نفس الوقت الذي أصبحت المستشفيات تنظر إلى نسائنا كفئران تجارب بعد أن أصبحت حتى الممرضة التي بالكاد تعلمت ضرب الإبر تجري عمليات توليد مختلفة، لأنها في حسابات المستشفيات الخاصة تصنف تحت عنوان «الأيدي العاملة الرخيصة». الجرائم التي ترتكب في المستشفيات لم تسجل رقماً قياسياً إلا في ظل الفوضى التي يشهدها القطاع الصحي، وفي ظل تحول وزارة الصحة إلى هيئة استثمارية وتجارية وليست مؤسسة رعاية خدمية، خاصة بعد ان خفضت الوزارة من اعتماداتها للرعاية الصحية الأولية.. فأطلقت بذلك أبواب التراخيص للمسالخ الطبية الأهلية والخاصة التي تعرف جيداً كيف تحصل كل عام على تقارير رقابية بدرجة امتياز. كنت أتمنى من الزميلات في «الجمهورية» الخوض في هذه المواضيع وهن أكثر دراية منا بجرائمها، وهذه دعوة نوجهها لكل المسئولين في وزارة الصحة ومن يهمه أرواح اليمنيين لعمل زيارات مفاجئة للمستشفيات وتفقد غرف عمليات الولادة ليرون بأعينهم أن أطفال اليمن يولدون في مسالخ وليس مستشفيات صحية.