يشتمل العنوان وتفريعاته على جُملة من القضايا المرتبطة بالأدب النسائي العربي، ويمكننا التكشُّف على أبعاد هذه القضايا من خلال الحصيلة الأدبية الماثلة في الزمن الثقافي النسوي العربي، والذي يُعبر تعبيراً بليغاً عن ثقافة التاريخ الخاص ومشمولاته الأبوية المؤكدة، والشاهد أن الآداب النسائية العربية تتموضعُ في إطار المفارقة بين الوعي والوجود، أو بين الحقيقة الموضوعية والموروث الاجتماعي الذي يضع الوعي في إطار من النمطية المؤطرة.. لكن هذا الوعي المؤطر بقوة التاريخ والعادات والتقاليد يحاول الخروج من شرنقة الحصار نحو فضاء التعبير المفتوح مما نجده في ثقافة البوح السردي المتصل بالوجدان والأنا المرهقة بمشقّة التداعي مع الأحوال العسيرة وتقلباتها . الشواهد في هذا الباب كثيرة، ويمكن ملاحظة أبعادها من خلال جملة من الأعمال السردية النسوية العربية التي تعبر عن محنة الغوص في الذات المُتْعبة والمفارقة للوجود الاجتماعي بقدر انحيازها للبوح، مما يجعل المسافة بين الحرفة الأدبية والتعبير الوجداني ظاهراً .. لكنه إلى هذا وذاك يشير إلى نوع من التقمص للذات حد التماهي، الأمر الذي يتعارض مع حرية التعبير. وفي هذا الباب لابد من أن نرى معنى قراءة القارئ العربي للأديبة العربية، وكيف أنه يقع في وهدة الاستنساب والافتراض بأن بطلة روايتها إنما هي الكاتبة بالذات!!، وإن الرموز الذكورية المُشار لهم في القص والرواية إنما هم أسماء مقرونة بتجربة الكاتبة .. هكذا تكون الكاتبة العربية ملاحقة بفرضيات ذهنية سابقة على العمل، وفي ذات الوقت تكون الساردة المطاردة بالمسبق الذهني في حيرة من كيفية فتح مسافة حقيقية بين النص والذات مما سنرى له تعبيرات ساطعة في العديد من الأعمال . سنقف تباعاً على مناطق نسلط عليها الضوء لاستبانة الفوارق بين الآداب النسائية العربية والأجنبية من خلال اختيار نماذج محددة، وسنرى كيف أن ثقافة التاريخ والمكان العربيين مازالا حاضرين بقوة في النص الأدبي النسوي، ولن تخلو المداخلة من توقفات مفاهيمية وتعريفة لماهية الآداب النسائية .. وللحديث صلة.