في مطلع ثمانينيات القرن الماضي وفي خضم أحداث المواجهات مع الجبهة «ما عرف بأحداث المناطق الوسطى» شكل هبوط طائرة هيلوكبتر في سوقي «الرونة» و«الحرية» بشرعب , حدثاً تاريخياً أشبه بهبوط أول مركبة فضائية على سطح القمر.. تجمهر الناس حول الطائرة في كلا السوقين غير آبهين بالأتربة التي كانت تقذفها المروحية إلى وجوههم وملابسهم, ولا آبهين بقصة الوفد الحكومي الذي كانت تقله في مهمة تقصي ماذا يريد المخربون وما هي مطالبهم. ولأن حلم أبناء شرعب لم يكن يتجاوز الواقع .. فلم تدفعهم تلك المروحية لأن يتمنوا من الدولة إنشاء مطار في الرونة وآخر في الحرية..وإنما ظلوا يحلمون بطريق إسفلتي يربط مدينة تعز بالرونة و السلام . الحلم الشرعبي حينها لم يكن يتجاوز صوته المديريتين, حيث لم تكن هناك قنوات فضائية تغطي تلك المنطقة المشتعلة ولا تنقل هموم أبنائها وتطلعاتهم .. بل كان هناك تسريب غبي وشائعات أوعزت لأصحاب «الصوالين» والسيارات «الشاصات» بأن ليس من مصلحتهم أن يتم سفلتة الطريق إلى الرونة والسلام وإلى سوق الحرية, لأن ذلك سيشكل ازدهاراً لأصحاب السيارات «التاكسي» وضربة قاصمة لهم في المقابل. شائعات أخرى تحدثت عن أن «الأطباء» من أصحاب العيادات , وكذلك مالكي محلات قطع غيار السيارات في تعز كانوا يشكلون «لوبياً» ضد سفلتة طريق شرعب..وطبعاً هذا ليس تجنياً بقدر ما هو شائعات ساخرة تعبر عن الرحلات الشاقة والمؤلمة التي يكابدها الركاب وتكابدها السيارات القادمة من شرعب وإليها. ولأن من يقصدون تعز أغلبهم يسافرون للعلاج , فإن أمراضهم التي ذهبوا بحثاً عن الشفاء منها تتضاعف بفعل الطريق , وكذلك ما يقبضه أصحاب السيارات من أجرة لا تكفي لعمل إصلاحات وصيانة.. فقد كان ذلك وما زال يشكل حالة تذمر يضاف إليها سخط الشباب من الطلاب والباحثين عن التنزه والسياحة في تعز بفعل المنظر المزري الذي يكونون عليه عند وصولهم إلى المدينة جراء الأتربة التي تلون وجوههم ورؤوسهم وملابسهم نتيجة التزاحم والتسابق الماراثوني الترابي بين السيارات, يشعرون أن أقرانهم في المدينة ينظرون إليهم على أن «الصعايدة وصلوا». وصحيح أنه قبل أكثر من عشر سنوات لاحت في الأفق بارقة أمل باعتماد هذا المشروع الحيوي لكلا المديريتين,لكن المؤسف حقاً أن يتعثر المشروعان كل هذه السنوات برغم أن طول الطريق إلى السلام لا يتجاوز الثلاثين كيلواً وأقل من ذلك الطريق الآخر إلى الرونة.. فبالنسبة لطريق الرونة على ما وجدت بنفسي لم يتجاوز منذ سنوات المنتصف وتحديداً في منطقة «القحيم» وبالنسبة للسلام على ما عرفت تجاوز المنتصف لكنه ما زال متعثراً في «الرعينة». والسبب في كلا المشروعين يتعلق بالمقاولين , الذين تتجه إليهم أصابع الاتهام, ومن جانبهم أيضاً يوجهون الاتهام لنافذين بعرقلة مستخلصاتهم لإفشالهم, تمهيداً لتحويل المناقصات لشركات مقاولات محسوبة على «مسئولين» وتعمل لحسابهم من تحت الطاولة. نأمل أن يكون ذلك مجرد شائعات وأن نرى من قيادة المحافظة ومجلسها المحلي ممثلاً في الأخ المحافظ حمود الصوفي الذي هو أدرى بشعاب هذه المنطقة تحركاً جاداً وسريعاً يضع حداً لهذا التعثر بالنسبة لطريق الرونة وطريق السلام والطريق الذي يربط الرونة بسوق الحرية, ويضع حداً للتكهنات والشائعات.!!.