لايجب النظر إلى الفترة التاريخية الحرجة التي يمر بها الوطن اليوم نظرة استهتار تفقدنا السيطرة على زمام المواقف التي يجب أن تكون ظاهرة على السطح والتي من خلالها نستطيع التعبير عن مشاركتنا للحكومة في توجهاتها المختلفة خاصة فيما يتعلق بمشهد الحرب الدائرة في صعدة.. فأعتقد أنه لم يكن بحسبان أحد أن تتوسع هذه البؤرة إلى خارج الوطن.. بل إن التوسع الأيديولوجي الذي تحاول تلك الفئة الوصول عبرهُ إلى عقول الناس أصبح عبارة عن خليط من حراكيات ومشتركات وتنظيمات قاعدية قابلة للإنفجار في ظل هذا الجو الساخن من النزاعات السياسية الخارجة عن حدود الحوار الوطني وبدون اللجوء إلى حوار العقل ومحاولة وضع جميع الأطراف على طاولة واحدة يكون الوطن فيها هو الهدف الوحيد وتكون فيها سلامة المواطنين أداة للتفاهم والعقل هو الحكم الوحيد.. بدون أن تتوفر هذه الأشياء مجتمعة لايمكن الحصول على فرصة أخرى للتفاوض والتشاور والحوار. وأكثر مانخشاه أن يقودنا هذا الصراع الذي لا أسباب واضحة تحدده.. نخشى أن يقودنا إلى عهد الدويلات التي لم تدم طويلاً بشهادة التاريخ وعلى الذين يطبِّلون لولادة يمن جديد مشوّه كأجنة الحروب عليهم أن يعلموا أن عجلة التاريخ لاتدور إلى الخلف أبداً وأن الحدود الجغرافية التي يقف فيها أعداء لنا من داخل بيوتنا قبائلنا عشائرنا أو حتى متحدثين باسمنا أن الوطن في قلوبنا أكبر من تلك المساحات الشاسعة وماخلفها إن وُضع الحوار موضع الحكم وإعمال العقل بل يجب أن تكون الثوابت الرئيسية على طاولة المفاوضات هي وحدة الوطن وأمنه واستقراره وترسيخ مبادئ الديمقراطية خط عريض لايمكن تجاهله لأن ثورة المناضلين قديماً لم تقم من فراغ بل قامت على أشلاء أبرياء صادقين حملوا أرواحهم رخيصة بين جنبي حرية الوطن واستقلاله. واعترافاً منا بفضلهم علينا وعلى الوطن يجب أن نتحاور تحت قبة المصلحة العليا للوطن دون اللجوء إلى تسويف مصالح الناس وأرواح البشر وإرهاق القضية الوطنية وتحميلها همّ الضياع الانساني الذي سيعيشه شعب بأكمله بعد أن عبث العابثون واستشرى كيدهم ليطال الناس فكل يخطب، وكل يشجب، وكل يغلق فاهُ على ترمومتر سياسي سيئ لاقيمة له ولاجدوى منه، ويرى الجميع أن دعوة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح لحوار بناء يضم المنظمات والأحزاب والتنظيمات المختلفة بين يدي الشورى وعلى طاولة الحوارالعاقل بعد التخلص تماماً من لهجات الاستنفار وتهجين المواقف لصالح فئات لا قيمة حقيقية خلف ثوراتها الطارئة. هذا الحوار هو الكفيل بإلغاء الاختناق السياسي الذي نعيشه اليوم وإن الأمانة الانسانية والوقوف عند حد المسئولية الوطنية هما الدافع للوصول إلى حل جذري لتلك الأزمات العارضة التي كان المسئول الأول والأخير عنها هو غياب الأمانة فكانت الضحية بشراً أبرياء لم يكن لهم في قافلة الموت إلا الفناء تحت ركام المنازل وعلى الطرقات.. نساء وأطفال ذهبوا ضحايا.. وآخرون يقترفون الآثام إما خلف الجبال أو في بطون الأودية أو.. أو في فنادق خمسة نجوم خارج الوطن.. ينظرون للقتل ويخططون لسلب أرواح الأبرياء.. ثم يموتون خوفاً لايهم.. المهم أنهم يدفعون بسواهم إلى الهلاك فما قيمة مايصنعه هؤلاء.. ماذا قدموا للوطن.. ضحايا أبرياء وأبرياء ضحايا.. إنما يجب الوقوف بصد أمام هذا التحدي الذي تخطى حدود الوطن إلى خارجه.. وتخطى رقاب الناس ليزهق أرواحهم وأغلق منافذ الحق ليركض خلف الباطل.. وهاهو النداء بالحوار يملأ فضاء اليمن.. فهل آن الأوان لنكون أكثر إلتزاماً وعقلانية وأكثر حضارةً من أيام ولّت ماكانت عدتها إلا الخيانة وماكان عتادها إلا الحرابة. وإذاً فالحوار الذي يدعو إليه الأخ الرئيس هو براءة من اليمن لهؤلاء حتى لاتحمل كتب التاريخ يوماً قائمة سوداء لليمن وهي بريئة منها براءة الذئب من دم يوسف «عليه السلام».. كلنا أمل بأن يكون الحوار الوطني القادم في خطاب الوطن الكبير الذي سيتحدث على أسطره الجميع.. سياسيين.. قادة.. منظمين.. منظرين.. ومحبين للوطن.. الكل سيتحدث عن السلام.. عن الحب.. عن أمان الوطن.. الكل يجب أن يتخلى عن مصالحه الشخصية ويقدم مصلحة الوطن.. وسلام وأمن الأبرياء الذين يتلهفون لأي مبادرة جادة لوقف حماقة أشخاص تضع الوطن في حمام دم متجلط بكل ماتعنيه الكلمة من معنى.. فخراب الوطن يصبح وشيكاً إذا استمر تقديم مصلحة الذات على مصلحة لايقبل أحد بأن تكون اليمن مثاراً للجدل ..محلاً للتنظير.. اليمن وطن مستقل منذ القدم.. وحرٌ منذُ الأزل.. ولعل في الحوار القادم تحت قبة الشورى مخرجٌ من مضيقٍ طال البقاءُ فيه.. نأمل في الشورى الخير الكثير المهم فقط أن يتجرد الجميع قبل الولوج في عملية الحوار من أية مصالح طاغية على مصالح الوطن.