المتتبع للخطاب الدعائي لأحزاب اللقاء المشترك تنتابه الحيرة، بل وقد يصاب بالهلوسة ويقوده ذلك إلى الجنون..، ولا سامح الله هذه الأحزاب بعد ذلك!!.. هذه الأحزاب لن ترضى أو تقبل مطلقاً بالاحتكام إلى العقل أو العودة إلى الرشد، واتباع لغة غير متقلبة أو تعمل على موازنة الأمور بعين العقل وتنظر لمجمل القضايا الوطنية ببصيرة وإدراك حقيقيين.. أحزاب المشترك وكما هو معروف رفضت دعوة رئيس الجمهورية للحوار تحت قبة مجلس الشورى لأسباب عدة منها أولاً: أن الدعوة جاءت من مجلس الدفاع الوطني وهذا المجلس ليس له علاقة بالحياة السياسية بين الأحزاب، ولا يحق له دعوة الأحزاب للجلوس على طاولة الحوار وتغليب مصلحة الوطن ومناقشة مجمل القضايا الوطنية محل الخلاف والتباين وبما يؤدي إلى تعزيز الجبهة الداخلية الوطنية في مواجهة التحديات التي تشهدها البلاد، وتحقيق شراكة حقيقية يكون همها في الأول والأخير الوطن.. وثانياً: أن الدعوة لا تعدو عن كونها مجرد «غطاء لتوجهات السلطة والقائمة على إضعاف مكونات العمل الوطني والقوى السياسية المختلفة وذلك عبر إشغالها بحوارات شكلية لا هدف لها سوى إيصال الناس إلى حالة من اليأس من هذه الحوارات»!!.. وثالثاً: أن السلطة تدعو للحوار ولم تهيئ الأجواء السياسية المناسبة..، وتقصد بالأجواء المناسبة أن تدع المخربين يعملون ما يشاؤون ويمارسون الفوضى كما يريدون ويرفعون شعارات الانفصال والأعلام الشطرية ويدعون لشق الصف الوطني وتأجيج الأحقاد بين أبناء الشعب بحرية مطلقة كون ذلك «نضال سلمي» أجازه القانون والدستور!!. ورابعاً وخامساً وعاشراً: أن الدعوة استثنت رموز الإرهاب والتخريب والانفصال واللصوص والمرتزقة والقتلة وقطاع الطرق وأصحاب السوابق، وخصصت أن يكون الحوار تحت قبة مجلس الشورى وهذا المجلس ليس له شرعية في تبني الحوارات كون أعضائه غير منتخبين ولا يمثلون الشعب لا من قريب ولا من بعيد!!.. وهناك مبررات وأسباب أخرى كثيرة لا يتسع المجال هنا لذكرها والوقوف عليها إلاَّ أنها لا تبتعد كثيراً عن تلك اللغة..، وتتفق معها إجمالاً في أنه لا حوار مع السلطة دون اشتراطات أحزاب اللقاء المشترك أو بعيداً عن رؤية «الإنقاذ»..، ولتبقى لغة التعطيل والتأزيم هي المتسيّدة، وليستمر «النضال السلمي» حتى القضاء على النظام القائم برموزه ومكوناته كافة ويعم الخراب!!.. الحوار الذي تريده أحزاب اللقاء المشترك كما عادت لتقول وتطالب يكون منطلقه اتفاق فبراير 2009م الذي أعلنت هي نفسها تنصلها عنه بعد التوصل إليه بأسابيع قليلة..، وعادت اليوم لتطالب بأن يكون هذا الاتفاق هو منطلق الحوار..، بل و«يعلن المشترك تمسكه بالحوار الهادف إلى تمكين الشعب من معالجة أزماته السياسية ويرفض الانخراط في لعبة تخريب الحوار» وهو ما أعلنه في بيان صحفي صادر عنه الأسبوع الماضي!!.. بالله عليكم من حوَّل الحوار إلى «لعبة وتخريب».. هل المشترك أم السلطة أم أن هناك طرفاً ثالثاً لا نعلم عنه شيئاً؟!.. أليس في كل تبريرات أحزاب اللقاء المشترك ومساعيه التعطيلية المعتملة ما يبعث على الريبة، ويدعو للوقوف مع العقل قليلاً؟!.. والأدهى والأمر أن أحزاب اللقاء المشترك تدعو لأن يكون عبدالملك الحوثي في مقدمة الحاضرين على طاولة الحوار..، وهو من بعث مع «حسن زيد» رئيس المشترك الحالي رسالة لرئيس الجمهورية تضمن محتواها قبوله للحوار والشروط الخمسة شريطة أن يكون ملف الحرب مع السعودية خاصاً به وبالرياض..، كما ورد في صحيفة «الشارع» في عددها الأخير.. حسن زيد «رئيس تكتل المشترك» يذهب لرئيس الجمهورية ويضع أمامه رسالة قائد التمرد في صعدة ويقول له: عناصر التمرد تقبل بالحوار والشروط الخمسة..، وما يخص السعودية يبقى خاصاً بين عبدالملك الحوثي والسعودية ولا علاقة للدولة ورئيسها ومؤسساتها بهما لا من قريب ولا من بعيد!!.. أليس في ذلك استخفاف بالدولة واستخفاف بالشعب واستخفاف بالحوار؟!.. ألا يدل ذلك على مساعي وجهود معتملة تصر على المضي صوب تعطيل الحياة السياسية في البلاد..، وإبقاء لغة التأزيم هي السائدة؟!..