من المؤسف حقاً أن تتحول الديمقراطية وهي الخيار الجميل والأسلوب الأفضل من بين كل أنظمة الحكم في هذا العصر وفي غيره من العصور طالما كانت ديمقراطية عاقلة بذاتها وبكل أطراف العمل فيها .. مؤسف أن يصبح للديمقراطية أشكال مختلفة وأنواع عدة هذا يوصف بالإيجابي وذلك يوصف بالسلبي هذا بنّاء وذاك هدّام.. ومؤسف أن تكون ديمقراطيتنا من الأنواع التي يعكر صفوها الجهل والفوضى ويصبح وجودها سلبياً في عيون من لا يحبها لأنها فشلت في إقناعه بجمالها وصدقها ولم تفلح في استمالة قلبه نحوها لأن هناك من شوّهها وأفرغها من مضمونها بتصرفاته وأفعاله ووجدت نفسها وحدها المسئولة عن تصرفات المسيئين لها لأنها هي من سمحت لهم بتلك التصرفات والأفعال القبيحة والبشعة أحياناً كثيرة . بالطبع لم تشرع لهم ذلك لكنهم استغلوا وجودها وحضورها ليفعلوا ما فعلوا، ولولاها لما تجرأ أحدهم على تلك الافعال ولولاها لما استعرضوا عنترياتهم القذرة في مواقف وفي مواضع لا ينبغي استعراضها فيها .. لولا الديمقراطية لما تحول المجرمون إلى زعماء ، وقطاع الطرق إلى مناضلين مستمدين بشاعتهم من سماحة الديمقراطية وضرورة المرحلة. هكذا يحدث في حضرة الجهل والبشاعة وهكذا تحولت الديمقراطية إلى أنموذج سيئ في حضرة الفوضى والتخريب المسكوت عنها ديمقراطياً .. لولا الديمقراطية لما تجرّأ المتجرئون على أمن الوطن والمواطنين ولما تجرأوا على وحدة الوطن ومصالح الناس جميعاً وقد تداخلت واندمجت شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً وتجاوزت تصنيفات الماضي المجزأ، وبالرغم من تناقض الديمقراطية مع هكذا افعال وتصرفات وثقافة إلا أنها وجدت نفسها في مرمى الاتهام وعليها أن تدافع عن براءتها طالما ظلّ من ضلوا طريقها يمارسون القبح على حساب الديمقراطية وتحت مظلتها كلما سئلوا لماذا تفعلون ذلك ؟ هؤلاء الذين تمردوا على الديمقراطية وحولوها بتصرفاتهم وثقافتهم إلى دائرة الاتهام هم سبب النظرة السلبية والسيئة تجاهها سواء من الداخل أو من الخارج . في حديث مع شقيق عربي جاء ذكر الديمقراطية فقال مستشهداً بما يحدث في بلادنا.. هذه الديمقراطية التي نريدها !؟ أية ديمقراطية هذه التي تسمح بما يحدث هنا وهناك ؟ أية ديمقراطية هذه التي تحت مظلتها تُهدد وحدة شعب نرى فيها أملاً لوحدة أكبر ؟ لماذا تسمح الديمقراطية بتهديد هذا الأمل والتفكير باغتياله ؟ من الذي يستطيع أن يجبرنا جميعاً على احترام آراء ومواقف هي بالأساس بمثابة حرب يمارسها البعض على كل الأمة تحت مسميات من صنع الشيطان أو مجانين البشر ؟ أسئلة جديرة بالتأمل والتفكير وبحاجة لأن يعاد فهم الديمقراطية إذ لا حاجة لها إن كانت خرساء لا تنطق حتى في لحظات الخطر لتقول: لا للفوضى، لا للتمرد ، لا لاغتيال أمل الأمة في الحياة، لا لاغتيال المستقبل.. ولابد في خاتمة هذه السطور ان نقف ونسأل : أين يمكن ان توجد ديمقراطية تسمح بما يحدث في بلادنا ؟ وهل هناك من يفهم الحرية والديمقراطية على هذه الشاكلة التي يؤمن أصحابها بالخراب والفوضى وقطع الطرقات وقتل الناس وإرهابهم من أجل أن تمر مشاريعهم القاتلة للجميع .. بالطبع لن نجد ديمقراطية من هذا النوع إطلاقاً.