في مثل هذه الأيام من العام 1968م كانت العاصمة صنعاء تعيش تحت الحصار الذي طوقها من كافة الجهات من قبل فلول الملكيين الذين أرادوا إسقاط العاصمة صنعاء ومعها إسقاط النظام الجمهوري الوليد، ولكن بفضل صمود أبناء صنعاء والمدافعين عنها من أبطال القوات المسلحة والأمن والمقاومة الشعبية الذين رفعوا شعار (الجمهورية أو الموت) وفي ظل الاصطفاف الوطني الكبير لجماهير الشعب اليمني تم فك الحصار عن صنعاء بعد ملحمة بطولية أسطورية عرفت ب(ملحمة السعبين يوماً). في تلك الأيام المجيدة كنا لا نزال أطفالاً صغاراً، ولذلك نحن وجيل السبعينيات والثمانينيات نجهل حقيقة الأحداث التي مرّ بها الوطن في السنوات الأولى للثورة منذ لحظة انطلاقتها في سبتمبر1962م وحتى 1972م وذلك بسبب عدم التوثيق الدقيق لتلك الفترة وكل ما نعرفه هو حصيلة ما قرأناه من كتابات أو ما سمعناه من أحاديث شخصية من آبائنا وأقاربنا ومعارفنا ممن كان لهم شرف المشاركة في معارك الدفاع عن الثورة والجمهورية والتي من أهمها (معركة السبعين يوماً). حكايات وروايات وقصص عديدة قرأناها وسمعناها عن أيام الحصار والمقاومة وكيف تدافع المناضلون والشباب من كل أنحاء الوطن الواحد للمشاركة في فك الحصار وكيف تقاسم سكان صنعاء مع المقاتلين من أبناء القوات المسلحة والأمن والمقاومة الشعبية الشراب والطعام، وكيف تجسدت الوحدة والوطنية والتلاحم والاصطفاف الوطني لمواجهة العدوان وكسر الحصار وتحقيق الانتصار، وكيف كان المرحوم الفريق حسن العمري، رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة والشهيد البطل النقيب عبدالرقيب عبدالوهاب، رئيس هيئة الأركان العامة، وقائد قوات الصاعقة يقودان المعارك بنفسيهما في الميدان ويتنقلان من موقع إلى آخر لصد العدوان وتوجيه القوات المدافعة. سمعنا وقرأنا عن بطولات حسن العمري وعبدالرقيب عبدالوهاب ومجاهد أبو شوارب ومحمد صالح فرحان وعبدالله حسين بركات وحمود ناجي وأحمد علي المطري وعلي مثنى جبران وعبداللطيف ضيف الله وأحمد عبدربه العواضي ومحمد مهيوب الوحش وأبطال المقاومة الشعبية، وكيف كان الجميع على قلب رجل واحد شعارهم (الجمهورية أو الموت) وكيف انكسرت إرادة القوات الملكية برغم عددها وعتادها الكبير أمام إرادة وصمود المدافعين عن الثورة والجمهورية وإرادة وصمود المحاصرين في العاصمة صنعاء والمدافعين عنها. اليوم وبعد 42 عاماً على ملحمة السبعين يوماً التي تم فيها تحقيق الانتصار التاريخي العظيم على فلول الملكيين والقضاء النهائي على حلمهم بعودة الحكم الإمامي الكهنوتي .. وبعد 48 عاماً من قيام ثورة ال26 من سبتمبر الخالدة وبعد 20 عاماً من إعادة وحدة الوطن اليمني أرضاً وانساناً لايزال هناك من يحلمون بعودة الإمامة والسلاطين لحكم اليمن من جديد وعودة الوطن مشطراً كما كان عليه قبل مايو 1990م ،متناسين أن ذلك أبعد عليهم من عين الشمس، وأن الشعب اليمني الذي قضى على الجبروت الإمامي وحكم السلاطين وطرد المستعمر البريطاني وصنع الانتصار العظيم على فلول الملكيين وقضى على مؤامرة إسقاط النظام الجمهوري في ملحمة السبعين يوماً وصنع الانتصار الوحدوي العظيم على فلول الانفصاليين الخونة وقضى على مؤامرة الردة والانفصال في ملحمة الوحدة عام 94م لن يسمح لأولئك المتمردين الإرهابيين في صعدة أو المخربين الانفصاليين في بعض المناطق بالنيل من الثورة والجمهورية والوحدة، فلسوف تتحطم أحلامهم ومؤامراتهم ومخططاتهم الإجرامية على صخرة التلاحم الوطني والاصطفاف الجماهيري لكافة أبناء الشعب.. تماماً كما حدث في ملحمة السبعين يوماً وملحمة الوحدة. في يناير وفبراير 68م كانت صنعاء تستقبل قوافل المقاتلين الذين انطلقوا من كافة مناطق اليمن الواحد لفك الحصار المفروض عليها والدفاع عنها وحمايتها من السقوط في أيدي القوات الملكية. ومثلما انتصرت إرادة الشعب بقوة السلاح في هزيمة أعداء الثورة والجمهورية والوحدة في فبراير 68م ويوليو 94م ستنتصر مرة أخرى إرادة الشعب بقوة العقل والمنطق والحكمة اليمانية على التحديات المفروضة على الوطن والمؤامرات التي تحاك ضده.