في عام 1961 م أعلن الرئيس الأمريكي (جون. ف. كينيدي) عن عزم أمريكا على إنزال أول إنسان على سطح القمر ولم يكذب في وعده للعالم ولكن بكلفة 24 مليار دولار . وهكذا رست أول مركبة فضائية يستقلها البشر على ظهر القمر في منطقة رملية اسمها (بحر السكينة) في 20 يوليو من عام 1969 م ويومها ارتج العالم وزلزل زلزالا شديدا . كانت خطوة صغيرة للكون الذي نعيش فيه ولكنها خطوة عظيمة للإنسان. ومع النزول الناجح على سطح القمر الذي لا يزيد بعده عن 240 ألف ميل (400 ألف كم ) تم لاحقاً كل إنجاز. وفي عام 97 أمكن للباثفايندر أن تنزل بسلام العربة (السوجرنير) على ظهر المريخ، كما أمكن له أن يرسل مركبة مشت ست سنوات إلى كويكب الحب (إيروس) . واليوم تم جمع معلومات مذهلة عن الكواكب الموجودة في نظامنا الشمسي، ونعرف أن القمر هو جار قريب لنا وأنه ولد ولادة عسيرة من خبط كوكب أمنا الأرض قبل 4.6 مليار سنة، وبقت الأرض بدون حياة 800 مليون سنة.. والرحلة إلى القمر كانت مثل شرب فنجان قهوة، أمام رحلات الفضاء إلى أنظمة شمسية أخرى، فضلاً عن السفر عبر الخلاء الكوني إلى مجرات أخرى بعيدة. نحن نعرف اليوم أن كوكب عطارد الذي يبعد عن الشمس 36 مليون ميل يدور كالمجنون، مثل النغم الشاذ في الجوقة، فهو يدور مقلوبا من اليسار إلى اليمين عكس دوران بقية الكواكب، ويومه مثل سنته، فهو يدور حول نفسه في السنة مرة تقريبا حوالي 88 يوما. وأمكن لمارينر 10 أن تصل إليه وتزودنا بمعلومات مثيرة عنه، وعرف أن 70% منه حديد، ولا يوجد فيه غلاف جوي، وترتفع درجة الحرارة فيه نهارا إلى 400 درجة سنتيجراد مثل الفرن، وتنزل في الليل إلى 182 تحت الصفر بأشد من الثلاجة، فهو ضد كل أشكال الحياة التي نعرفها. أما كوكب فينوس الزهرة (VENUS) التي اعتبرها اليونان آلهة الحب؛ فتبين أنها جهنم تتلظى حيث تنزل من سمائها غيوم من حامض الكبريت والحرارة، التي فيها تصهر الرصاص، والضغط يهرس علبة صفيح، ومغطاة بحمم بركانية. أما المريخ (مارس Mars) آلهة الحرب في أساطير اليونان، الذي هو أقرب الكواكب إلينا من الطرف الآخر، فقد استغرقت رحلة الباثفايندر إليه 7 أشهر، قبل أن ترسو مع موعد استقلال أمريكا، في أرض لا زرع فيها ولا ضرع، وبقيت عربة السوجرنير تعمل لمدة 84 يوما قبل أن تنطفىء. وبعد قرن من تجربة الأخوة رأيت عام 1903 م، في أول محاولة طيران، يتم الإعداد الآن للذهاب إلى المريخ. وسوف يتم نزول الإنسان على المريخ عام 2020 مبدئياً. وسوف تأخذ الرحلة حوالي 19 شهراً بين الذهاب والإياب. أما ارتياد بقية الكواكب في نظامنا الشمسي؛ فقد أرسلت فويجر 2 التي أطلقت مع توافق اقتراب دوران الكواكب من بعض، بحيث تتابع المركبة اقترابها التدريجي من بقية الكواكب، بما لا يحصل سوى كل 176 سنة مرة، للوصول في النهاية إلى كوكب بلوتو على مسافة 4 مليارات ميل. ويبقى المشتري عملاق المجموعة، وهو مكون من غاز ويبتلع في أحشائه 1300 كرة أرضية، وتم رصد إعصار على ظهره يدمدم من 300 سنة، حجمه أكبر من الأرض مرتين. واستطاع العالم الفلكي (ديفيد ليفي) رصد المذنب (شوميكر= صانع الأحذية) الذي يدور النظام الشمسي منذ مليارات السنوات، وضرب المشتري في النهاية بقوة أكبر من 100 قنبلة هيدروجينية؟. ويعتبر العلماء أن المشتري مثل المكنسة الكهربية للنظام الشمسي، فهو يشفط الكثير من الأحجار الضائعة في النظام، والتي تهدد الحياة على الأرض فيما لو اصطدمت بكوكبنا. وعرفنا كذلك أن للمشتري أربعة كواكب هي ايوا ويوربا وكاليستو وغانيميد، وهناك احتمال قوي لوجود الماء والحياة على ظهر القمر يوربا، تحت مدرعة جليدية. أما القمر إيوا القريب من المشتري؛ فهو يتنفس أي يتمدد ويتقلص، وتخرج من بطنه البراكين تقذف باللهب. وبعد المشتري زحل وحوله 18 قمراً. مثل ميماس وديون. وبعد الاستعداد لسبع سنوات فقد أرسلت المركبة (كاسيني) إلى زحل الذي يبعد عنا مليار ميل ووصلت إليه عام 2004 م وأكبر أقماره تيتان. أما أورانوس الكوكب الثامن، فقد وصلته فويجر عام 1986 وعرفنا أنه بارد، ويدور على جانبه مثل السكران بسبب ضربه بمذنب شارد، وحوله 11 حلقة من غبار كوني . وعلى مسافة 208 مليار ميل كوكب نبتون، ووصلته فويجر في آب عام 1989 م، وعرف أن أشعة الشمس أضعف عليه من الأرض بألف مرة. وهو يدور حول الشمس كل 165 سنة مرة. أما بلوتو الكوكب الأخير فهو ليس الأخير ويتم شطب اسمه حالياً لوجود من هو أكبر وأجدر بالاسم، ويعتقد بعض العلماء أنه ليس بكوكب متماسك، وحوله قمر قارون، وربما كان حزاما من بقايا كونية. واليوم تسبح فويجر في الفضاء خارج نظامنا الشمسي إلى اللانهاية، ونظامنا الشمسي هو واحد من مائة مليار في مجرتنا، التي هي بدورها واحدة من مائة مليار مجرة، التي هي بدورها حلقة في فلاة من الغبار الكوني..مما نبصر أو لا نبصر... هل تذكرون حديث العرش والكرسي؟؟ «فلا أقسم بما تبصرون ومالا تبصرون إنه لقول رسول كريم...»