في منتصف يونيو 2004م وصلت المركبة الفضائية (كاسيني Cassini) أخيراً إلى زحل بعد رحلة شاقة محفوفة بالمخاطر دامت سبع سنوات. وابتداء من 11 يونيو أخذت تتأمل سطح القمر (فيبي Phoebe) وهو واحد من 31 قمراً يدور حول الكوكب ذي الطبيعة الغازية من هيدروجين وهليوم. ولكن أهم ما عرف من الأقمار هي تسعة وأعظمها قاطبة هو قمر التيتان الذي يبدو لامعاً في الأفق بسبب الغازات المتجمدة، أما بقية الأقمار فهي بعد فيبي على التوالي (لابيتوس وهايبرون ويأتي التيتان في المكان الرابع ثم ريا الخامس ثم دايون وتيثيس وانسلادوس والتاسع المهم هو ميماس) وتتراوح أقطار الأقمار بين 220 كم للقمر فيبي وهو الأصغر مروراً ب لابيتوس 1436كم وريا 1258 كم وانتهاء بتيتان 5120 كم. ومع الأول من يوليو اقتربت المركبة أكثر فبدأت بالدوران حول كوكب الحلقات الغامض التي يتوقع العلماء سر تشكل هذه الحلقات من ارتطام مذنب منذ أقدم العصور بقمر من أقماره ولكن لا يعرفون سر بقاء الأيونات حتى الآن. وفي الثاني من يوليو حاذت القمر الجبار تيتان، وهو أكبر قمر في المجموعة الشمسية. وهو أكبر من كوكبي عطارد وبلوتو. ويقترب من حجم المريخ البالغ 6787 كم مقارنة بالأرض 12756 كم وهو بذلك أكبر من قمرنا الجميل الذي يبلغ قطره 3476 كم. ثم حلقت المركبة الفضائية كاسيني لاكتشاف بقية الأقمار. وفي 25 ديسمبر انفكت العربة (هوغنز Huygens) من المركبة الأم كاسيني بعد أن طافت أكثر من 45 مرة بالقمر الجبار تيتان لتنزل على سطحه في 14 يناير من العام 2005م في بحر لجي من غاز الميثان السائل بدرجة حرارة 180 تحت الصفر. والمركبة جرت بسرعة 23 ألف كم في الساعة فوجب فرملتها في فترة 96 دقيقة قبل الهبوط الخطير. وقد أخذت العربة اسمها من العالم (كريستيان هوغنز) الهولندي الذي وصف تيتان منذ عام 1655م. وصمدت العربة نصف ساعة قبل أن تطويها أمواج الميتان لتقبر إلى الأبد في قاع البحر الغازي المائع ولكن بعد أن أرسلت الصور الأخيرة لطبيعة هذا الكوكب. أما المركبة الأم كاسيني فحلقت لمدة أربع سنوات أخرى حول الكوكب زحل وارسلت أكثر من نصف مليون صورة في السنوات الأربع اللاحقة. ويقبع حالياً على دراسة الصور أكثر من 260 عالماً من 17 دولة اشتركت في تمويل هذه البعثة الأوربية الأمريكية بكلفة 3 مليارات دولار. ويشرف السيد جيرهارد نويكوم على الفريق الألماني في برلين. كما أن رئيس المشروع العلمي هو دينيس ماستون الذي يشبه قمر التيتان بآلة الزمان التي تنقلنا إلى الشروط التي عاشتها الأرض قبل انبثاق الحياة فوقها. والمركبة كاسيني تعتبر حتى اليوم الأغلى والأثقل والأعقد والأكبر فيما أرسل إلى الفضاء الخارجي من بعثات حتى اليوم فهي تزن ستة أطنان وحجمها بحجم باص صغير والأجهزة الموجودة فيها من أعقدها وأعانت على سبر وفهم هذا الكوكب الذي يبعد عن الشمس عشر مرات بعد الأرض ويبث من الطاقة أكثر مما يأخذ من الشمس ولكنه في برودة قاتلة تصل إلى 180 تحت الصفر ومكون من الهيدروجين والهليوم وتضرب فيه عواصف بسرعة الصوت من سحب الميثان الذي هو غاز طبيعي في الأرض ويستهلك كطاقة. وحجم زحل مقارنة بالأرض يشبه البرتقالة مقارنة بالكرزة. وهو كوكب حافل بالألغاز والأسرار، والعلماء غير متأكدين من نواته هل هي مادة صلبة أم هي غازية كما هو الحال في سطحه. والمشتري وزحل يتشابهان أنهما كوكبان غازيان والمشتري يعطي من الطاقة ضعف ما يأخذ من الشمس وهو يبتلع داخله أكثر من ألف كرة أرضية. ولو كانت طاقته أكثر لربما كان شمساً ثانية في نظامنا الشمسي وهو أمر وارد ومنتشر في المجرة. ولو حصل هذا لما عرفنا الليل وكانت إضاءة النهار دائمة. وهو أمر نحمد الله على عدم وقوعه وفي القرآن: « قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون؟ »