في عام 1972 تم إرسال المركبة الفضائية بايونير عشرة لدراسة كوكب المشتري العملاق الذي يزيد حجمه ألف مرة عن حجم الأرض، ويعتبر الكناسة الكهربية التي تشفط كل المذنبات القادمة من الفضاء الخارجي وتهدد كواكب النظام الشمسي. وبذلك يعتبر هذا الكوكب العملاق المشكل من غازات مثل جندي الحراسة لكوكبنا الأرض المكونة من طين لازب. وصلت مركبة بايونير في رحلة شاقة إلى الكوكب بعد أن اخترقت حزمة الكويكبات المتخلفة من حطام بقايا كوكب بين المريخ والمشتري، ثم أرسلت صوراً في غاية الوضوح من كوكب المشتري وأقماره الأربعة، واليوم نعرف أن القمر يوربا يحوي طبقة جليدية كثيفة. ثم تابعت المركبة رحلتها حتى خرجت حزام نظامنا الشمسي واندفعت بسرعة 44 ألف كيلومتر في الساعة في الخلاء الكوني الموحش بين الأنظمة الشمسية في مجرتنا التي تضم أكثر من مليار نظام شمسي وكواكب تدور حولها مثل الذي عندنا. وكان العلماء يتعقبون بانتظام رحلة المركبة الفضائية وكان آخر التقاط لبثها الكوني في أبريل من عام 2001م، ولم يكن علماء ناسا يتصورون أن هذه المركبة يمكن أن تتابع رحلتها وترسل في مطلع عام 2002 مرة أخرى إشارة إلى استمرارها في الحياة؛ فالمفاعل النووي الموجود على ظهرها هو في حكم المستهلك بعد مرور أكثر من30 سنة على استعماله. والطاقة الموجودة في المركبة حالياً لا تزيد عن 8 واط، ما يعادل لمبة صغيرة باهتة للنوم في غرفة الأطفال. وكانت الموجة التي التقطت من المركبة من خلال مرصد كوني في أسبانيا أعطت فكرة عن رحلة المركبة، ولكن المعلومات هذه المرة كانت مثيرة فقد بدا عليها وكأن قوى معاكسة في الخلاء الكوني تفرمل سرعتها. وتم تقدير تناقص السرعة أنها ستكون أقل بعشرة كيلومترات بعد قرن من الزمن إذا استمرت على هذه الشاكلة. وهذا التباطؤ يقدر حالياً بما يعادل واحداً من عشرة مليارات من جاذبية الأرض. وبدأ العلماء في بحثهم عن سبب هذا التباطؤ. وخطورة هذه المعلومة أنها ستغير تصور العلماء عن الموديل الكوني، وكيف يعمل وطبيعة القوى الموجودة فيه. وكان الشيء الأول الذي قام به الفريق العلمي من ناسا التأكد من المعلومة الواصلة من المركبة. ثم محاولة دراسة احتمالات الخطأ في الحساب، وهو ما تم استبعاده بعد دراسات مضنية، أو دخول عناصر جديدة تؤثر في السرعة مثل الريح الشمسية. أو تسرب الطاقة. ويقول المهندس فيليب لينج من ناسا للفضاء إنهم لم يعرفوا السبب وليس عندهم تفسير لما حدث، خاصة أن المركبة بايونير 11 التي أرسلت باتجاه الشمس أعطت نفس النتائج عن تباطؤ السرعة، كما بدأ التفكير في المادة السوداء الغامضة؟ وهل يمكن أن تلعب دوراً في لجم السرعة. وبالمناسبة فإن المركبة الآن تبعد أكثر من 12 مليار كيلومتر عن الأرض. وتحتاج الموجات المرسلة منها والتي هي بسرعة الضوء إلى عشر ساعات حتى تصل إلينا، كما أن بداخلها لوحة من الذهب مرسوم عليها امرأة ورجل، وفي حال عثور كائنات خارج أرضية عليها فيمكن أن تكون رسالة تحية من سكان كوكب الأرض إلى الملكوت، كما أن فيها اسطوانة بكل الأصوات الإنسانية والحيوانية وألحان الطبيعة. وربما بعد مليونين من السنين في حال كتب لها النجاة أنها ستصل إلى المحطة الثانية في نجم الدبران. إن تصور المسافات يبعث على الدوار. ((ورفع السموات بغير عمد ترونها)).