الفساد داء خطير لطالما أدى انتشاره واستفحاله في مرفق أو مؤسسة إلى دمار وخراب هذا المرفق أو المؤسسة وإدخال الدولة في أزمات وتداعيات قد تؤدي إلى عدم قدرتها على أداء المهام والمسؤوليات الموكلة إليها.. وفي بلادنا الحديث عن الفساد يطول وهذه حقيقة لايجوز أن نخفيها أو نغفلها, فهناك أوجه فساد عديدة تفوح روائحها المنتنة من عدد من الوزارات والمؤسسات أسهمت في عرقلة الجهود الحكومية المبذولة من أجل إصلاح الأوضاع الاقتصادية والمعيشية, وعلى الرغم من إنشاء هيئة وطنية معنية ومختصة بمكافحة الفساد والتي تم تخصيص ميزانية مالية هائلة لها من أجل تمكينها من أداء المهام الوطنية على الوجه الأمثل,وإحاطتها برعاية واهتمام رئاسي كبير إلا أن الهيئة لاتزال حتى اللحظة عاجزة عن وضع حد لمسلسل الفساد المستشري في عدد من مفاصل الدولة وأجهزتها المختلفة ..وهنا لا أعلم ما هي المهام والأعمال التي تقوم بها هيئة الفساد مادام عتاولة الفساد يسرحون ويمرحون بحرية مطلقة, هناك عناصر تستغل الوظائف والمناصب الحكومية المسندة إليهم في التورط بقضايا فساد مالي وإداري تعمل على زيادة الأوضاع تفاقماً وتدهوراً وهذا يخالف المرتكزات الرئيسية التي تضمنها البرنامج الانتخابي لفخامة الرئيس ذات الصلة بمكافحة الفساد والإصلاحات المالية والاقتصادية والإدارية الشاملة والتي حفل بها البرنامج والكفيلة بمعالجة الأوضاع والدفع بها نحو الأفضل, ولكن الواقع الذي نعيشه ونتعايش معه اليوم أن الفساد لايزال قائماً وأن المفسدين يعيثون في الوطن ولاهمّ لهم إلا جني المكاسب الشخصية دونما اكتراث بالمصلحة العليا للوطن والتي يجب أن نضعها في المقدمة وخصوصاً أن البلاد تمر بظروف عصيبة تتطلب أن يكون الجميع على قلب رجل واحد مع المصلحة الوطنية, ضد الفساد والمفسدين, فمن غير المعقول أن تثمر جهود الإصلاح والبناء والتنمية في الوقت الذي يعبث فيه عناصر الفساد بالمال العام ويُلحقون أبلغ الضرر بالاقتصاد الوطني. كلام فخامة الرئيس واضح وتوجيهاته صريحة للحكومة بشأن مكافحة الفساد، والكرة اليوم في ملعب الحكومة والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد للعمل على ترجمة هذه التوجيهات بكبح جماح الفساد والمفسدين وإحالتهم للسلطات القضائية لمحاسبتهم على خيانتهم للأمانة وعبثهم بالمال العام ليكونوا عبرة لمن تسول له نفسه ممارسة أي شكل من أشكال الفساد.. هناك صلاحيات واسعة للهيئة والمطلوب فقط هو توظيف هذه الصلاحيات وتطبيقها على أرض الواقع والاحتكام في ذلك للنظام والقانون دونما محاباة أو استثناء فالكل أمام القانون سواسية وليس من مصلحة أي وطني أن يغفل عن محاسبة فاسد يعبث بالمال العام ويسيىء إلى الوظيفة العامة التي يشغلها, ولابد هنا أن يسارع الإخوة في الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في تحسين مستوى أدائهم وتفعيل أدوارهم الرقابية والتخلص من حالة الفتور واللامبالاة التي تصاحب عملهم, وعلى كافة أبناء الوطن العمل على شن حملة شعبية وجماهيرية وإعلامية ضد الفساد والمفسدين وتعريتهم على الملأ بحيث يتحول هذا السلوك إلى ثقافة جماهيرية متجذرة في عقولهم, ومعها يتحول المفسدون إلى أعداء للوطن وللشعب, وأنا هنا مع أن يتم عمل قائمة مفتوحة بأسماء المفسدين تنشرها وسائل الإعلام المختلفة بناءً على أحكام قضائية تصدر في حقهم, وأعتقد جازماً أن هذه الشفافية في التعامل مع قضية الفساد مطلوبة في الوقت الراهن من أجل تهيئة الأجواء المساعدة لمكافحة الفساد واستئصال شأفته واجتثاثه من جذوره لينعم الوطن بأوضاع أكثر استقراراً وتطوراً ونماءً في غياب تام لأوجه الفساد والمفسدين وهي غاية ننشدها جميعاً ولابد أن تتكاتف الجهود الرسمية والشعبية من أجل تحقيقها على أرض الواقع لأن الوطن بحاجة ضرورية للقضاء على بؤر الفساد التي أزكمت أنوف الجميع وأحدثت نتائج وانعكاسات وتأثيرات سلبية يدفع الاقتصاد الوطني ثمنها غالياً. الفساد عدو الوطن وعدو التنمية وعدو كل ماهو جميل في يمننا الحبيب ،وهذه حقيقة لمسها الجميع وصاروا يؤمنون بها ومن الضرورة أن يكون شعار المرحلة المقبلة “معاً من أجل يمن خالٍ من الفساد” إذا ما أردنا المضي قدماً في مسيرة بناء اليمن الجديد وصنع المستقبل الأفضل. Fatah [email protected]