ثمة حيرة وقلق تكتنف الرئيس أوباما.. ولعل تصرفاته وأحاديثه تكشفه حائراً متخبطاً متناقضاً بين القول والفعل، وبين القول والقول، في الأمس واليوم، واليوم وغداً و.... إلى ما لا نهاية.! كحال الرئيس السابق بوش، يبدو أوباما مضطرباً وهو يتحدث عن الإرهاب.. ويؤكد أن الإرهاب هو الذي يقلقه ويخيفه ولا يتركه ينام كما ينام الناس، أو يفكر كما يفكر الأسوياء..! لكن أين الحقيقة في قلق وحيرة أوباما..؟! هل هي في إرهاب القاعدة فعلاً..؟! أم هي في شيء آخر أخطر يؤرقه حتى العظم..؟! الحقيقة توحي أن لدى الرئيس قلقاً داخلياً محضاً لا يستطيع البوح به، ولكنه يظهر في ثنايا تصرفاته وأحاديثه التي نراها جميعنا حائرة متذبذبة طائشة.! فالقاعدة لا تفعل شيئاً قط دون علم وتنسيق مع المخابرات الأمريكية.. والرئيس أوباما كان على علم بمسرحية النيجيري عمر فاروق عبدالمطلب حتى آخر لقطة في سيناريو محاولته تفجير طائرة امريكية قادمة من امستردام إلى ديترويت بأمريكا.. ومثله بوش الذي كان يعلم بأحداث 11 سبتمبر التي ضربت أمريكا قبل حدوثها، وإن كانت هذه المقدمات لم تعلن صراحة حتى الآن، إلاّ أن الأحداث التالية للسيناريو، من العدوان على أفغانستان وحتى احتلال العراق والبدء بمشروع الشرق الأوسط الجديد، والعمل بالفوضى الخلاقة.. إلخ كلها نتائج تؤكد صحة المقدمات.! تنظيم القاعدة لا خوف منه ولا عليه فهو ضمن شراكة احتكارية أمريكية غربية ودولية ليكون فقط فزاعة للضغط على الآخرين للتسليم بالمشروع الصهيوني.. وباختصار فقد صنعت الصهيونية من خلال الدوائر الأمريكية والأوروبية - كما قال أحدهم- تمثالاً من التمر هو القاعدة - كان العرب المشركون في الجاهلية يأكلونه عندما يجوعون - وهذا ما حصل ويحصل للقاعدة في كل مكان تؤكل بالضربة الساحقة كلما دعت إلى ذلك المصالح الصهيونية! الخبثاء يزعمون أن قلق أوباما ربما بسبب المطالب الضاغطة والخطيرة والكثيرة للصهيونية، التي أحياناً ما تصطدم مع توجهات الرجل وسياسات بيته الأبيض.! فالقرار الإسرائيلي الأخير ببناء مستوطنات يهودية جديدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة كان بمثابة الصفعة لنائب الرئيس أوباما الذي جاء متزامناً مع زيارته للضفة الغربية بهدف تحريك مفاوضات السلام.. ولأن الصهيونية هي من ورطت أمريكا في أفغانستانوالعراق وأدخلت هذه الدولة العظمى وشعبها في ورطة تاريخية فادحة ربما يعجز عن الخروج منها عقل «راعي بقر»، ولأنها الصهيونية هي من شوهت السياسة الخارجية لأمريكا وجلبت لها جام غضب وكراهية شعوب العالم.! فإن الصهيونية ذاتها هي من تضغط الآن على الرئيس أوباما لفتح جبهة جديدة مع ايران وربما مع سوريا وحزب الله وحماس.! إذن المطالب الصهيونية الضاغطة على أوباما وعدم قدرته الإيفاء بها، هي في حقيقة الأمر ما يقلق أوباما ويجعله يبدو حائراً متخبطاً مضطرباً.! أوباما قلق ومضطرب فعلاً.. فهو الذي ورث التركة الثقيلة (لعيفطة وبلطجة) سلفه بوش الذي زج ببلده شعباً وجيشاً في المحرقة العراقية والأفغانية والصومالية إشباعاً لنزعة أوليغاركية لم تتوقف آثارها المدمرة بعد.! وأوباما قلق وحائر فعلاً فهو الذي لم يلملم أوراقه بعد، ولم يتنفس الصعداء من الورطات الصهيونية من زمن بوش، حتى يجد نفسه الآن تحت مطالب صهيونية جديدة ضاغطة.! إذن هو القلق والاضطراب الذي مصدره ضغوط صهيونية تتبعها ضغوط.. وليس القلق الظاهر المعلن تجاه الدولة الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني المراد منه حجب الحقيقة المرة على الرأي الأمريكي والعالمي.! فلا رؤساء أمريكا السابقون استطاعوا فعل شيء ولا استطاع بوش بشطحاته ونطحاته، ولن يستطع أوباما وما بعد أوباما فعل شيء في هذه المسألة إلاّ بمشيئة صهيونية محضة..! فهل ينتبه الأمريكيون لحالة رئيسهم وبيته «الأبيض» حتى لا يطيح بهم وبلدهم مثلما أطاح هتلر بألمانيا وتركها حطاماً قبل أن يصبح هو جثة هامدة عافتها حتى الديدان..! مهما يكن من أمر فإن الحقيقة الساطعة هي أن الأوطان ليست لعبة لأي «رئيس» ينشر أمراضه هنا وهناك، والشعوب قد تخسر هنيهة لكنها لن تقهر أبداً.