نقف مع المؤلف محمد حسين الطلبي في كتابه «بوح المغاربة والمشارقة» على محنة العرب والعروبة، الأمر الذي يتوجب البحث عن عروبة مُغايرة، أو بكلمات أُخرى «تعريب للعروبة» القائمة، ذلك أن عروبة اليوم تترافق مع الخزي والذل والعار، وتغادر كامل المورث الحضاري الراكز في أساس الجغرافيا والتاريخ واللغة والدين. وعلى ذات المنوال نقرأ رسالة دالة موجهة لرئيس الحكومة الجزائرية نقف فيها على ما يحيق بالعربية من اعتداءات تطال بنيتها النحوية والبيانية، كما نقرأ حول العربية في مناهج الغرب، لكن الوقفة الخاصة أمام تدوين الأمازيغية بحروف غير عربية تذهب بنا بعيداً في استغوار الحالة العربية الأمازيغية بوصفها حالة تاريخية متكاملة، وليس كما يُشاع الآن. في هذه المنطقة الحيوية من الإشكال المغاربي نتوقف أمام بيان مُكثّف لتلك الحالة، ونستبين الجذور والبدايات، كما المصائر والمآلات، مما يضع الكتاب في مربع التحديد الصارم للعنوان «بوح المغاربة والمشارقة» . بهذا النسق الاستطرادي النابش لسلسلة من المواضيع المعاصرة، وبهذا القدر من التواصل والتفاصل في مستويات المعالجة والتعبير نكون قد ترحّلنا مع محمد حسين الطلبي في جملة من هموم العالم العربية ذات الصلة بالعالم، وخاصة الغرب السياسي الأيديولوجي الذي لم يتخل بعدُ عن نزعته المركزية، واشتباكه غير الحميد مع الحضارة العربية الإسلامية . نحن أمام كتاب بوّاح مكاشف، وبلغة تخدش حياء الأوضاع، وتكاشف المستور دونما تردد، فيما تتنكّب مشقة القول الذي كالجمر . هذا هو «الطلبي» العروبي الواقعي الإنساني القادم من أعماق الذاكرة الجمعيّة للأُمة، وأمامنا كتاب يستحثنا على التشخيص والمجابهة والرفض . هذه المقاربة التي كالمصفوفة «المتعددة / الواحدة» في نفس الوقت، تُعيد خيار الفكر القومي، وترى أن النموذج القومي العربي سيظل المخرج والوسيلة في آن واحد، وتتأسّى أيضاً بالتجارب الإنسانية الرائدة، كما الحال في ماليزيا مهاتير محمد. تلك هي الرسالة، وهذا حد الفضاء المفتوح للتأمل والنظر .