الحديث عن رفع ضرائب القات إلى نحو 20 بالمائة لدفع المزارعين لزراعة محاصيل أخرى بدلاً عن القات هو خيار من خيارات عديدة تطرحها الحكومة للتصدي لظاهرة القات التي تعد واحدة من مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحتى السياسية أحياناً. وكما أشار نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع والأمن وزير الإدارة المحلية الدكتور رشاد العليمي في ورشة عمل بهذا الخصوص فإن منع تعاطي القات لن يكون بقرار جمهوري أو حكومي ولكن لابد من تنفيذ إجراءات عملية وخطوات مدروسة تحدث نقلة نوعية في مسائل الثقافة والعادات الاجتماعية ولابد من أن تعمل الحكومة على تشجيع المزارعين على اقتلاع أشجار القات وغرس محاصيل اقتصادية ونقدية بدلاً عنها مثل البن والفواكه وغيرها.وهناك تجارب ناجحة لمزارعين في حراز وتجربة أخرى لبعض المزارعين في تعز حيث استبدلوا أشجار القات بزراعة عباد الشمس. وإذا كان وصف أن القات يهدد اليمنيين بالعطش صحيحاً بالنظر إلى ما يستنزفه القات من مياه وصلت إلى نسبة 30 بالمائة من المياه الجوفية بحسب الإحصاءات الرسمية, فإن الأخطر من ذلك بحسب وزير الزراعة الدكتور منصور الحوشبي هو 80 بالمائة من المبيدات المستوردة والمهربة تستخدم في زراعة القات وبذلك تتضاعف الأضرار الصحية للقات وتصبح خطيرة نتيجة استخدام المبيدات بطرق عشوائية أو استخدام مبيدات محظورة في بعض المناطق ما يجعل القات المرشوش بتلك السموم يهدد حياة متعاطيه أو على الأقل يسبب أمراضاً خطيرة من بينها الأورام السرطانية . صحيح أن أي حديث عن القات لا يمكن أن يتجاوز في المقابل التعقيدات الاقتصادية كون أربعة ملايين من اليمنيين يعتمدون على القات كمصدر للرزق سواء في الزراعة أو العمالة أو النقل أو البيع ,والتعقيدات الاجتماعية المتعلقة بالعادات الاجتماعية وجلسات التواصل المرتبطة بتناول القات , إلا أن كل ذلك لا يبرر عدم الدخول في إجراءات جادة للتصدي للظاهرة التي تلعب دوراً سلبياً وأحد عقبات التقدم والنهوض الذي ننشده لبلدنا. ومهما غالطنا أنفسنا فإن الحقيقة المرة أننا ننفق الكثير من مصاريفنا على القات والكثير من الوقت والجهد والصحة في فترة تعاطيه , كما أنه أسهم بدور كبير في ظاهرة الفساد المالي والرشاوى والعمولات والتحايل على النظم والقوانين من أجل توفير قيمة القات, وساعد على تفتيت قيم القناعة والنزاهة لدى كثيرين خصوصاً أن تفاوت أنواعه وأسعاره وجودة هذه العينة من القات أو غيرها قد جعلت الجميع يدخل دائرة صراع طبقي في تعاطي القات والتفاخر بالتهافت على أغلى وأجود الأنواع مما يستدعي من البعض بدافع المجاراة والتحدي وإثبات الذات الدخول في مقامرة أياً كانت عواقبها حتى لو دفعت به إلى مزيد من النهب والهبر والحصول على مداخيل غير مشروعة . وفي مواجهة هذه الظاهرة لابد أن تلعب الجهات المعنية دوراً فاعلاً كل بحسب ما يستطيع , وينبغي أن يكون للقطاعات الرياضية دور كبير بالتوازي مع دور وسائل الإعلام في إبراز النشاطات الرياضية والشبابية بصورة كبيرة عبر النقل للمباريات الرياضية وإعادة ربط الشباب بالملاعب بعد أن تم إهمالهم كثيراً ووضعهم في زاوية المقايل وبس. [email protected]