طالعت خلال العددين السابقين دخان معركة (ذات الصواري) التي سف رمادها وبكل اقتدار المُلا محمد الحزمي الناطق الرسمي باسم الدين!! وهو يدافع عن الله ضد المارقين والمنافقين عملاء الغرب وأذناب أمريكا، مهددا بالضربة القاضية لا سمح الله خلال الأيام القادمة، التي تشبه ضربة ناجازاكي وهيروشيما، في شريط من أبابيل، يرمي المثقفين والمفكرين بكلمات من سجيل، تجعل عملاء الغرب ومنظمات المجتمع المدني وشوقي القاضي، ومجيب الحميدي كعصف مأكول!! فقط هو منتظر إشارة البدء وساعة الصفر، ومعها الريال الحنبلي الذي سيستعين به على الدفاع عن الله وخدمة الدين فقط!! وربما تكون الضربة قاضية خاصة وهو الآن خارج من ندوة زيادة الإيمان التي تقيمها جامعة الإيمان سنوياً. والتي عادة ما تتزامن مع حصول جرعة سعرية جديدة!! قال الزميل عصام القيسي تعليقاً على حوار الحزمي الأسبوع قبل الماضي أنه قد اقترب على مضض من مصدر من مصادر التلوث الفكري والذوقي ومعه حق حين قرأ جزءا من حواره، ولم يستطع إكمال قراءة الحوار كاملا، وليته فعل وتصبر فإن الله يحب الصابرين كما أشار. أما أنا فقد (تكعفت) قراءة الحوار كاملا، بما في ذلك آخر كلمة وهو يلح ألا يحذف من كلامه شيء!! وليتهم فعلوا، وقد حمدت الله على سلامة القولون عقب القراءة، مردداً: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيراً من خلقه!! وحقيقة لم أملك إلا أن قلت: رب أقم الساعة!! ولا أدري كيف تذكرت على الفور ما قاله الشيخ الزنداني في قناة السعيدة قبل أسابيع قليلة وهو يدافع عن زواج الصغيرات إن المدارس العامة في الغرب تجمع في إحدى الحصص اليومية أو الأسبوعية بين طالب وطالبة عمر كل منهما سبع سنوات وتعريهما ثم تعلمهما ممارسة الجنس. يا لله!!!!!!!!! أجزم بالقول إن مثل هؤلاء الفقهاء هم سبب نكبة الأمة وشقائها وتخلفها مع الحكام المستبدين عبر التاريخ وعلى حد سواء، منذ حنابلة بغداد، مروراً بوهابية نجد ( وعاظ الحنش الأقرع ومنظري الصبر السياسي) وحتى حزميي وصبريي اليوم. عافانا الله جميعاً وكل المسلمين من أفكارهم وفقه “ الخنفشار” الذي برعوا فيه وأجادوه!! هؤلاء وأمثالهم امتداد لتيار ذيل بغلة السلطان الأموي والعباسي الذين كانوا سبباً لموت أبي حنيفة مسموماً في سجن أبي جعفر المنصور وتقطيع جسد ابن المقفع ثم إحراقه، ونكبة ابن رشد وعذابات ابن سيناء، وسلخ جلد النسيمي، وصلب الحلاج والسهروردي، وسجن الفقيه المناضل ابن تيمية الذي شوهوا فكره وأساءوا إليه. ولن تقوم والله للدين قائمة ولهؤلاء عين تطرف!! أناس متعالمون أطلقوا اللحى ولبسوا البياض وتضمخوا بالعطور، وأوهموا الناس زورا وبهتانا أنهم الموقعون عن رب العالمين، وقد أسجعوا الألفاظ ونمقوا العبارات، دعاة على شفير الجهل والتخلف من أجابهم قذفوه فيهما!! وليحذر الذين يخالفون عن أمر الحزمي وأضرابه أن تصيبهم معرة الخيانة أو الانبطاح، أو حتى شواظ من نيران الشريط القادم، فيصبحوا على ما فعلوا نادمين!! لا أدري ماذا تبقى للحزمي من حجج وأباطيل وقد عراه الزميل الباحث الأستاذ مجيب الحميدي والأستاذ القدير شوقي القاضي صاحبا الفكر المستنير والطرح الهادىء والعقلاني. لم يبق له إلا أن يكابر ويعاند ويستمر في زيفه وباطله دفاعا عن مكانته الاجتماعية التي استطاع أن يصل إليها وقد غرر على الخلق. معتقدين أنهم يخدمون الدين وهم في الحقيقة ممن قال الله فيهم: “ الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا” إن خطر هؤلاء على الدين عظيم، وإن الفكر الذي يروجون له، وهو فكر مدعوم بالريال الحنبلي يمثل معول هدم وسحق لما تبقى من بعض الأفكار والمفاهيم التي يحملها البعض والمعول عليها إيجاد جزء من المعالجات لأمة ذبحت بسكين الاستبداد والتخلف من الوريد إلى الوريد.. رسائل عاجلة: الأولى: إلى عقلاء الإصلاح من رواد التحديث والأساتذة الذين عرفناهم مشاعل أفكار ومدارس تجديد أوقفوا الحزمي عن مهاتراته فلقد بلغ من الشهرة مبلغا يكفيه لمنافسة خصمه السياسي في الانتخابات البرلمانية القادمة. ثم إن ما يروج له من أفكار يتعارض صراحة والمدرسة الإخوانية البنائية الإحيائية، التي تربينا صغاراً على معينها الصافي ، ولنا الشرف في ذلك، ونعتقد أننا لا زلنا على ذات النهج، وإن لم نرتد عباءة الحزبية. وهو أرقى فكر إسلامي على الساحة الإسلامية حالياً في تقديري. فلا تخلطوا مع النمير العذب الملح الأجاج، أوقفوا الحزمي عند حده فهو جزء من نسيجكم التنظيمي ومحسوب عليكم، ونعرف أن فيكم رجالات فكر وقادة رأي معتبرين. الثانية: إلى معالي وزير الأوقاف والإرشاد: أوقفوا الخطيب محمد الحزمي عن الخطابة، قبل أن يقع الفأس في الرأس مرة ثالثة بعد فأس القاعدة والحوثيين، وهو ينشر فكراً هداماً وعلمانية مبطنة عرف ذلك أم لم يعرف، خاصة وجامعه بأمانة العاصمة من جوامع خمسة نجوم ويرتاده المئات من الناس فيهم الجاهل الذي تنطلي عليه “تشعيباته” والشاب الذي تتلبس عليه “تجديفاته” فهذا الجامع يمثل الآن لغماً موقوتاً، وأخشى أن يأتي يوم تحاورن فيه جماعة الحزمي وأضرابه، كما حاورتم من قبل جماعة القاعدة والحوثي. الثالثة: إلى الحزمي نفسه أنا ممن يؤمن بمبدأ النصيحة للمسلم، ومن هذا المنطلق أنصحك لوجه الله الكريم لا تستغل محراب الخطابة أو كرسي البرلمان للتضليل على الناس، وتذكر مقولة لعمر بن الخطاب حين قال: تفقهوا قبل أن تسودوا. فلا تدس أنفك فيما ليس لك به علم، وإن توهمت أنك عالم، وعليك بقراءة كتب التاريخ والفكر واقرأ أيضاً كتاب ثقافة الداعية للدكتور يوسف القرضاوي مجتهد العصر، ففيه ما يفيد من النصح والتوجيه إن عملت بما فيه. وتأكد أنك تضر الدين والوطن من حيث أردت له نفعاً بفرقعاتك الإعلامية هذه، فإن كنت تبحث عن الشهرة فلقد سمعت بك والله عجائز نيسابور، وإن كنت تسوق لفكر هدام بالريال المذكور فثق أن هذا الفكر يملأ السهل والجبل وأشرطتكم في كل مكان، فلا تضف جنازة إلى أموات، وإن كنا لهذا الفكر بالمرصاد، تقرباً إلى الله وجهاداً فيه، لا للشرق ولا للغرب. وأسأل الله لك الهداية