الإرهاب، هذا السلوك العدواني الرهيب الذي يعتبر تصادماً قاتلاً مع النفس والروح، وتصادماً قاتلاً لحياة الآخرين من المدنيين الأبرياء سواءً كانوا يمنيين أم عرباً أو مسلمين أو أجانب يدينون بغير الإسلام؛ دبلوماسيين أو خبراء أو عمال يعملون مع القطاع الخاص أو مع القطاعين العام والمختلط أو ناشطين إنسانيين، أو حقوقيين أطباء أو مهندسين أو مبعوثين للهيئات والمنظمات الإنسانية أو صحافيين أو دارسين أو باحثين... إلخ. هذا العمل الإرهابي الانتحاري الذي لا ينتج عنه سوى الدماء والدمار والدموع لا يمكن أن يقدم عليه سوى الأشخاص الذين لا يؤمنون بالله ولا يؤمنون بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهاج حياة، دين التوحيد والعبادة والرحمة والمساواة والحرية والديمقراطية والعدالة والتقدم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والعسكري والأمني والحضاري الذي دعا المسلمين إلى التعايش مع غيرهم من أصحاب الديانات والمعتقدات السماوية مسيحية كانت أم يهودية أو بوذية.. إلخ.. لا يمكن لأتباعه أن يتحولوا إلى حفنة من القتلة لأصحاب الديانات والمعتقدات الأخرى؛ لأن الجهاد مسؤولية الدولة العربية الإسلامية لا يعني العدوان على غيرها من الدول الصديقة إلا إذا كان دفاعاً عن النفس ودفاعاً عن السيادة والاستقلال والتحرر من المستعمرين المعتدين في عصر وجدت فيه الهيئات والمنظمات والقوانين الدولية التي تنظم العلاقات الدولية وكذلك الهيئات والمنظمات الحقوقية التي تحمي الحقوق والحريات، وفي حرية المعتقد يستطيع الدين الإسلامي الحنيف والدعاة الإسلاميون أن ينشروا هذا الدين بالأساليب الدعوية والسلمية دون حاجة إلى الأساليب والوسائل الإرهابية القاتلة والمدمرة للحياة وللحرية وللحق والعدل وللحضارة البشرية الآمنة والمستقرة. يا معشر الشباب.. هل علمتم أن الله سبحانه وتعالى يقول في محكم آياته الكريمة: (لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي) ويقول أيضاً: (إنما أنت مبشر، لست عليهم بمسيطر، إلا من تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر) ويقول أيضاً: (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) ويقول أيضاً: (ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) ويقول أيضاً: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) فهل فكرت أيها الشاب القاتل لنفسك وأسرتك ما أنت مقدم عليه من هلاك، فكيف يدفعكم البعض من المتطرفين إلى هذا النوع من العمليات الانتحارية المخالفة لكلام الله وأوامره وأنتم تعلمون ما يترتب على هذه العمليات الانتحارية من عواقب وخيمة في الدنيا وفي الآخرة على أنفسكم وعلى آبائكم وأمهاتكم وإخوانكم وأخواتكم وكافة الأهل والأصدقاء وأبناء مجتمعكم وأمتكم العربية والإسلامية الذين سوف يتضررون من عواقب أعمالكم الانتحارية العدوانية والذين سوف يحزنون على موتكم بهذه الطريقة الرخيصة وغير الهادفة والمخالفة لقوله تعالى: (ومن قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً) وما تنطوي عليه من العقوبات العاجلة الدنيوية والعقوبات الأخروية سواءً كانت هذه النفس المقتولة بغير حق من المسلمين أم من غير المسلمين؛ لأنها ليست متهمة بالعدوان عليك وعلى أسرتك وعلى المجتمع الذي تنتمي إليه حتى تبرر قتلك لها أنه من باب الحق الشرعي في الدفاع عن النفس؛ لأن ضحايا الإرهاب هم عادة من المدنيين الأبرياء المظلومين الذين لا علاقة لهم بما تقوم به هذه الدولة الاستعمارية أو تلك والله يقول: (ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطانا)؟!. نعم أيها الأبناء والأحفاد الذين تقدمون أنفسكم رخيصة لهذا النوع من الثقافة الإرهابية التي تغريكم بالجنة وما تنطوي عليه من الثمار وبنات الحور؛ فلا تحصدون من تضحياتكم لو تأملتم بتفكر وعقلانية في كتاب الله وآياته البينات لاكتشفتكم أن هذا العمل الانتحاري العدواني هو أقرب الطرق للخروج من الجنة والاستقرار الأبدي في نار جهنم التي أعدت للانتحاريين والقتلة الذين يلقون بأنفسهم إلى التهلكة والهلاك دون وعي ودون فائدة ولا حتى مجرد منفعة لمجتمعاتهم التي تدفع الأثمان الباهظة لهذا النوع من الإرهاب. أي كفر أشد من هذا الكفر الذي تساق إليه سوق النعاج بلا قصد وبلا وعي ولا فهم وأنت تعلم أن لنفسك عليك حقاً، وأن لروحك عليك حقاً، وأن لشبابك عليك حقاً، وأن لأمك ولأبيك عليك حقاً، وأن لإخوانك عليك حقاً، وأن لأهلك عليك حقاً وأن لمجتمعك ولوطنك ولشعبك عليك حقاً، وأن لدولتك ولأمتك عليك حقاً، وتعلم قبل ذلك وبعد ذلك أن العمل الذي يجعلك تخالف سلسلة ملايينية طويلة وكبيرة وعريضة من أصحاب الحق عليك لا يرضون عما تقوم به من تضحية بنفسك؛ تغضب الله في السماء وتغضب الإنسانية في الأرض، وتلقي على كاهلك بالكثير من العقوبات والجرائم التي تضيق بها وبعذابها الدنيا والآخرة بما رحبت؛ لأنك خالفت ما يمليه عليك إيمانك، وخالفت ما يوجبه عليك شعبك وأمتك ووطنك من المسؤولية والأمانة المكملة للإيمان وما ينطوي عليه التوحيد من عبادات طبقاً لقوله تعالى: (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولا) صدق الله العظيم؟!. لقد ظلمت نفسك بما ألقيته على كاهلها من الذنوب والعقوبات الدنيوية العاجلة والأخروية الآجلة وأنت تعلم أنك ضحية ما أنت عليه من الغباء وسوء الفهم بأنك قاتل نفسك بجهل، وقاتل نفسه ليس له من مكافأة ومن مكان عند الله سوى عذاب القبر وعذاب النار، وليس في مجتمعه سوى الخزي والعار وما يحصده من الأحزان واللعنات في مجتمعه. ما الذي حققته فيما أقدمت عليه من إقلاق للأمن والاستقرار وفيما يعرض الاستقلال والسيادة الوطنية للتدخلات الأجنبية الاستعمارية من قبل الدول العظمى المتضررة مصالحها من الإرهاب، وما الذي ألحقته بهذه الدول العظمى وبمصالحها العملاقة من الخسارات المادية والمعنوية، وما الذي كسبه المسلمون من هذه الأعمال الإرهابية التي أقلقت الأمن العالمي وجعلت الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين وكافة دول العالم تضيّق الخناق على العالم الإسلامي بأسره؛ وتتخذ سلسلة من التدابير الأمنية الحازمة ضد المسلمين إلى حد التضييق عليهم ومصادرة ما كفلته لهم الدساتير والقوانين النافذة من الحقوق والحريات بما في ذلك حرية الاعتقاد وحرية اعتناق الدين الذي يجدون به حلولاً لمشاكلهم الناتجة عما يجتاح العالم من اتجاهات مادية بحتة، في وقت تعلم فيه ونعلم جميعاً أن الدعوة الإسلامية كانت تمر بحركة سريعة ومتنقلة وطليقة من كل القيود والأغلال، والمواقف التي حدثت من باب ردود الفعل الغاضبة على ما حدث في ال 11 من سبتمبر من اعتداءات إرهابية أقلقت الأمن القومي لأعظم امبراطورية رأسمالية في العالم على نحو أسفر عن قيامها بإعلان ما وصفته الصحافة الحرة بالحرب العالمية الثالثة على الإرهاب وما نتج عنها من عودة جديدة للاستعمار الإمبريالي الذي اجتاح أفغانستان والعراق ولايزال مستمراً حتى الآن في الكثير من الدول العربية والإسلامية المتهمة بتصدير الإرهاب وتوفير الملاذ الآمن للإرهابيين والقتلة الذين يقلقون الأمن والسلم الدوليين؟!. وإذا كانت أعظم امبراطورية أمريكية رأسمالية متمسكة بزمام القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية في العالم وحلفاؤها قد فقدوا في هذه الحرب العالمية على الإرهاب بضعة آلاف من المواطنين الأبرياء الذين لا حول لهم ولا قوة بما تنتهجه دولهم من سياسات الاستعمار، فإن الشعوب العربية والإسلامية قد فقدت مئات الآلاف من الضحايا المدنيين والعسكريين، وربما تصل هذه الأرقام الفلكية إلى الملايين. فقد سقطت أنظمة بكاملها، وارتهنت أنظمة، وأجبرت الأنظمة والهيئات والمنظمات الدولية على المشاركة في الحرب على الإرهاب على نحو أسفر عن تبديد وتدمير الكثير من الموارد والطاقات والإمكانيات والثروات في معركة هامشية لا تستحق كل هذه التضحيات التي أصابت الحضارة البشرية المعاصرة سلسلة من الكوارث والنكبات السياسية والاقتصادية التي دخلت إلى كل حزب وإلى كل أمة وإلى كل شعب وقبيلة وعشيرة وأسرة على امتداد العالم قاطبة؛ في وقت نحن فيه بأمس ما نكون لإعطاء الأولوية في سياساتنا الوطنية والقومية والإسلامية لتحرير ما تبقى من الأراضي الفلسطينية والعربية والإسلامية المحتلة جنباً إلى جنب مع إعطاء الأولوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية والعسكرية العلمية والعملية لما نحن بأمس الحاجة إليه من التقدم والرفاهية المحققة لغلبة الكفاية الحياتية والحضارية على ذل الحاجة وهوان التخلف الناتج عن ثالوث الفقر والجهل والمرض الذي يجثم على صدور الأغلبية الساحقة من الفقراء والذين يعيشون تحت خط الفقر من الذين لا عمل لهم ولا دخل من أبناء العالم الاسلامي المتعدد الشعوب والأعراق والأجناس والأمم المختلفة التكوين الوطني والقومي الذين استمدت من الدين الإسلامي الحنيف ثقافة جامعة توحد ولا تفرق، تشد أزر الشقيق والصديق وترد كيد العدو الطامع بما لدى هذه الشعوب والأمم الإسلامية من الخيرات والطاقات والثروات والموارد البشرية والطبيعية القادرة على صنع ما تحلم به من حضارة متوازنة تستمد عقلها من العلم، وتستمد جسدها من العمل، وتستمد روحها من الإيمان والأمانة والعدالة والمساواة المستندة إلى أرضية راسخة من قيم الأخوّة والشراكة القائمة على تعانق الوحدة والديمقراطية وتقديم القواسم الوحدوية على غيرها من النزاعات والنزعات التي تؤدي إلى تفاقم الصراعات والحروب القومية والمذهبية تحت مزاعم من المتناقضات السنية والشيعية. لأن السلام والاستقرار هو الطريق الآمن إلى تحقيق قدر معقول ومقبول من التعاون والتكافل والتكامل والتفاعل بين المسلمين الذين يلتقون على قاعدة الإيمان بالله ورسوله وبما جاء بها من رسالة سماوية مكرمة للاخوة والمساواة الأممية بين المسلمين الذين يوحدهم الإيمان ويوحدهم التوحيد الناتج عن إيمان مطلق بالله الخالق للإنسان والكون وما أوجب عليهم من العبادات والواجبات الخمس المحققة للمساواة بين المسلمين المتساوية في الحقوق والواجبات، وفي ظل الوحدة الإسلامية استطاعت فتية من المؤمنين المهاجرين والأنصار وأصحاب السبق أن ينشروا الدين الإسلامي الحنيف إلى مختلف أرجاء الكوكب، وأن يرفعوا رايته عالية خفاقة في عالم إسلامي متساوي الأطراف. وفي ظل دولة عربية واسلامية أموية وعباسية وعثمانية واحدة حققت منجزات حضارية عملاقة غيرت وجه التاريخ، وجعلت من الدولة العربية الإسلامية دولة عظمى استوعبت ما قبلها من الدول العظمى الرومانية والفارسية وما حققته من المنجزات الحضارية في شتى المجالات الحياتية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والاقتصادية. أخلص من ذلك إلى القول إن الجهاد الذي اضطلع بمسئوليته الرعيل الأول من الذين آمنوا بالله فزادهم هدى لم يكن بدافع الحرص على إكراه غير المسلمين وإرغامهم على اعتناق الإسلام بحد السيف؛ بقدر ما كان موجهاً ضد تلك الأنظمة العبودية والإقطاعية الوثنية التي تصادر كافة الحقوق والحريات المدنية بما في ذلك حق الاعتقاد الديني والأيديولوجي، وكان جهاداً يعتمد على المواجهات المتكافئة والعلنية بين جيوش وجيوش، وبين سيوف وسيوف، ولم يكن يعتمد على المتفجرات والعبوات والأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة التي تقتل وتدمر كل ما هو حي من الكائنات الحية المادية والنباتية والحيوانية والإنسانية العاجلة بما فيهم الأشخاص الانتحاريون وما حولهم من الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين والعسكريين يمنيين كانوا أم عرباً أو مسلمين أو أجانب مسيحيين أو يهوداً مستأمنين. إنه حق عمل إرهابي يتنافى مع جوهر ما دعا إليه الدين الإسلامي الحنيف جملة وتفصيلا، في عصر يطلق عليه عصر الديمقراطية وعصر التعددية الدينية والتعددية الأيديولوجية والتعددية المذهبية وحقوق الإنسان في اعتناق العقيدة التي تنسجم مع ما لديه من قناعات حلّت فيه الكلمة والدعوة المنطوقة والمكتوبة والمسموعة والمنشورة والمرئية والمقروءة محل البندقية والأساليب والوسائل السلبية مع الأساليب والوسائل العنيفة والإرهابية، هذا ما يجب أن يقتنع به الأبناء والأحفاد، وما يجب أن يتعلموه من الآباء والأجداد ومن المناهج التعليمية الرسمية والموحدة والهادفة التي تقع ضمن مسئولية الدولة وحدها.