الأقلية كما الأغلبية في العرف السياسي الديمقراطي تتحدد وفق المعيار الانتخابي القائم على حرية المواطن في اختيار الحزب أو الاتجاه السياسي الذي يثق بقدرته على تمثيله وتحقيق الصالح العام..لذلك تشكل الديمقراطية البديل الموضوعي الحديث للمعيار الاجتماعي التقليدي الذي بموجبه تتخذ الأقلية أو الأغلبية وفقاً للحجم الكمي لهذا التكوين الاجتماعي أو ذاك طائفياً أو عشائرياً أو مذهبياً أو لغوياً،الخ والمعنى العملي لذلك هو أنه وفي ظل الديمقراطية فإن الحزب السياسي يخترق كافة هذه الأطر والتكوينات التقليدية ليقيم على أنقاضها تكوين مؤسسي حديث يتألف من كافة أفراد ومكونات المجتمع بشكل عام دونما اعتبار للعامل الجغرافي أو الطبقي أو السلالي، وعلى ذلك تحدد العلاقة بين الجميع على أساس المساواة في المواطنة التي يصبح معها بمقدور أي مواطن تتوفر فيه الشروط القانونية أن يرشح نفسه لتولي منصب رئاسة الدولة. وهو الحق الذي تم تأصيله دستورياً وقانونياً في البنية التشريعية للجمهورية اليمنية وتجسيده عملياً من خلال الدورات الانتخابية المتعاقبة. ما يعني أن حكم الشعب يسير جديا وعمليا في الاتجاه الصحيح والمسئولية في اتضاح هذه الممارسة لا تقع على عاتق طرف واحد محدد ولكنها مسئولية جماعية وعلى عدة مستويات من خلال الأطر والمؤسسات المعنية بالتنشئة السياسية والاجتماعية لأفراد المجتمع ابتداء من الشارع ثم المدرسة والجامعة مرورا بالأحزاب السياسية والمنظمات المدنية..الخ ،حيث تبدأ هذه العملية من خلال إرساء ثقافة الحوار والتسامح والاعتراف بالآخر ما يجعل من السلطة بمفهومها العام لا تشكل غاية بحد ذاتها، وإنما وسيلة لتحقيق غايات المجتمع ما يجعل من مبدأ حكم الشعب يقترن بقدر كبير من الشعور بالمسئولية، وليس مجالاً للمغامرات والنزوات الشخصية أو الحزبية، وبشكل يتعارض مع حق الشعب في اختيار حكامه دورياً الذين يخضعون من خلال هذه العملية للاختبار والتجريب، ومن تثبت التجربة عدم أهليته فلا ينبغي أن يتمرد على هذه النتيجة مدعياً أحقيته في تولي السلطة بمبررات وذرائع شتى، وحتى في المثل الشعبي يقال تجريب المجرب خطأ مرتين..والسؤال الهام لماذا تعمد بعض القوى السياسية إلى إيجاد حالة من التناقض بين ما ترفعه من شعارات وما تمارسه عملياً في الواقع. متخصص في التعددية السياسية والإصلاح الديمقراطي