ثمة محطات وعناصر ومفردات مهمة في الخطاب الرئاسي الذي ألقاه فخامة الأخ علي عبدالله صالح, رئيس الجمهورية عشية الذكرى العشرين لإعادة تحقيق وحدة اليمن الأرض والإنسان، لابد من الوقوف أمامها بموضوعية, ومن ثم ترجمتها من خلال مؤسسات الدولة والمجتمع حتى لا يبقى الخطاب الرئاسي في وادٍ, ومؤسسات الدولة ومسئولونا في الحكومة في وادٍ آخر. مفردات الخطاب الرئاسي يمكن أن تشكل وفقها مجموعات عمل في الاتجاهات التي تطرق إليها الخطاب, محدثة نقلة نوعية في العمل المؤسسي القائم على الربط بين التوجه والهدف، سعياً إلى ترسيخ قواعد وأسس التغيير الذي لا يخضع للحسابات الآنية وظروفها ومصالحها، بل يعزز الرؤية المؤسسية القائمة على صحة المعلومات وواقعيتها والظروف التي تقف خلف أي تعثر مؤسسي أو قصور وعبث وفوضى في الإدارة وتحمل أمانة المسئولية.. مدركين الأبعاد الوطنية في اختيار الكفاءات ورجال التغيير، أو إبعاد المقصرين والمتعثرين من قيادة المؤسسات وأجهزة الدولة انطلاقاً من قاعدتنا “اليمن أولاً”. الخطاب الرئاسي يستنفر مؤسسات الدولة وأبناء المجتمع للعمل بجد وتجاوز العثرات التي تحاول جاهدة إعاقة التنمية، بشرط أن يكون العمل وفق آلية تستثير قدرات وإمكانيات مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني باتجاه الرشد والنضج والمعالجات والإصلاح في ضوء جدول زمني يلتزم به الجميع ويُحاسبون عليه. مفردات الخطاب الرئاسي تلزم الجميع احترام المسئولية الوطنية، تحذر في الوقت نفسه كل من لم يقم بواجبه ومسئولياته فإن التغيير أصبح واجباً وطنياً تفرضه المرحلة والظروف وأمانة المسئولية والتحديات الراهنة، لا وقت للعبث والفساد والفوضى، الوطن يحتاج الجميع مثلما يحتاج المصداقية والنزاهة والكفاءة. الخطاب الرئاسي دعا الجميع إلى مراجعة الدروس الكثيرة خلال العشرين سنة المنصرمة بحلوها ومرارتها, باتفاقها واختلافها, بوفاقها وصراعاتها، وعدم تجاهل الظروف والمرحلة الصعبة التي تمر بها بلادنا وأزمة العمل والممارسة الديمقراطية التي تفتقر لروح الشراكة وفعلها وحواراتها وتوافقها وتناغم أفكارها؛ لأن الانفراد بالعمل السياسي والوطني والقرار وبناء الوطن ونهوضه من قبل طرف بعينه هو بمثابة الانتحار الديمقراطي خاصة في وطن يحتاج إلى الجميع شركاء في العمل والقرار والحكم والبناء والتنمية. هذا ما عبّر عنه الخطاب الرئاسي بشجاعة وشفافية, ولابد من قراءته في سياقه الموضوعي والتاريخي والمؤسسي، لأن المرحلة الحرجة التي يمر بها وطننا تحتاج منا تقديم التنازلات تلو التنازلات لبعضنا البعض، لأن الحكيم من عرف ظروفه واعترف بوضعه واستبق الأحداث وراهن على وحدة اليمن وتنميته ونهوضه وأمنه واستقراره. سلامة السفينة اليمنية هي أهم مقاصد الخطاب الرئاسي, فقد دعا إلى العودة إلى الحوار السياسي الوطني المسئول, لأن الجميع حريصون على سلامة وأمن واستقرار وتنمية اليمن، فمن الذي يقف دون جلوس السلطة والمعارضة للحوار؟!.. من له مصلحة في تأجيج لغة ومفردات الخطاب السياسي في الساحة من أطراف العمل السياسي, من الذي يسعى جاهداً إلى استصناع حاجز صلب بين فرقاء الساحة السياسية في مجتمعنا، يحول دون انفراج الأوضاع والمشاكل العالقة؟!. التنمية في بلادنا تحتاج إلى تثبيت ميزان الكفاءة والنزاهة إلى جانب تثبيت قواعد الأمن والمواطنة الصالحة، تحتاج إلى تفعيل مبدأ الثواب والعقاب والرقابة والمحاسبة، لذلك فإن الخطاب الرئاسي يدعو الجميع إلى إحياء الضمير واحترام الأمانة والمسئولية, كل من موقعه ومؤسسته. الوطن لم يعد قادراً على تحمل المزيد من العبث والفوضى واللامبالاة والتخريب والتسيب والإهمال، في ضوء هذه الدعوة الرئاسية علينا أن نسقط الحصانة الحزبية التي يختبئ وراءها بعض العابثين والمتعثرين في إدارة بعض المؤسسات كما يتكئ عليها بعض منتهزي الفرص وأصحاب المشاريع الخاصة, وهم لا يقلِّون ضرراً بالوطن من أصحاب المشاريع الممولة للإضرار باليمن الأرض والإنسان. لأن أمن المجتمع فوق كل اعتبار, والأمن له جوانب متعددة بتعدد مؤسسات وأجهزة الدولة، تحديات كثيرة, فهل نقف جميعاً في مواجهة هذه التحديات الراهنة والمراهنة على أن نكون أو لا نكون؟!. [email protected]