لو أردنا أن نضع الحروف تحت النقاط فإننا لا نخالف الذين يقولون إن النقاط هي التي توضع فوق الحروف ومن يرد أن يقرأ لا يجد صعوبة فهم الحروف بدون نقاط إذا قرأ الكلمة المراد قراءتها وقرأ ما قبلها وما بعدها، فقد لا تشكل النقاط أمامه أي صعوبة. والمراد القول إن الإنسان الصحيح البيئة أي حسن التربية والتفكير والوعي يمثل البيئة الحقيقية التي تختصر الوقت والمال على طريق الإصحاح البيئي، فأين هو هذا الإنسان الذي يبدأ بنفسه ممن يكثرون الكلام ويبخلون من موقع الاقتدار الثقافي والاجتماعي والإداري؟ هل هذا الإنسان الذي يقوم بتصرفات يربأ عنها الحيوان خاصة الكلاب ومجموعة الحيوانات التي تدرب في السيرك وفي البيوت والحدائق الخاصة.. في العالم كله أصبحت للكلاب مشافي وفنادق وأطعمة طازجة ومعلبة ومعبأة وذلك لأنها تفهم بسرعة أين تقضي حاجتها وكيف تلتزم الصمت أمام الضيوف وتتعامل مع من هو غير مرغوب فيه متى كان تحت سقف المضيف، وأهم ما فيها الوفاء والتضحية من أجل سيدها ومالكها أو أحد أفراد أسرته. لذلك تنام في سريره أو سرير زوجته أو أحد أولاده تحافظ على هدوئه ولا تنام إذا شعرت بحركة غريبة خارج المنزل، أوفي إحدى غرفه فتنطلق بهدوء ولا تنبح إلا عندما ترى السارق أو المجرم وجهاً لوجه، ناهيك عن كلاب الإنقاذ وفحص المسافرين والمشتبهين التي تشم رائحة الهدف وإن كانت مدفونة تحت الثلج أو الأنقاض وتمسك بتلابيب الشرطي أو المالك وتجره إلى مكان الجريمة أو تهاجم المشتبه به ولا تتركه حتى يتم القبض عليه. تمنيت في مرات عديدة أن أشاهد فيها بأم عيني أشخاصاً لا يحصى عددهم يتصرفون ضد الطبيعة والبيئة بعدائية لا يمكن لتلك الحيوانات الأليفة وغير الأليفة أن تقوم بها بالنظرة، فلا تفترس الوحوش إلا إذا جاعت ولا تجتاح إلا القاصية أو كبيرة السن أو المريضة أو أمر، بينما الإنسان يعتدي على الطفلة والطفل والمرأة الوحيدة والمتسوقة والإنسان عندنا لا يعرف شيئاً اسمه التحضر والنظافة والأمانة والصدق والمروؤة. إنسان اليوم يهدم كل شيء وكأنه لن يخلف وراءه أبناء وأحفاداً من حقهم أن ينعموا بالصحة والغذاء والأمان والهواء النظيف، ويقال إن لدى البعض منهم استمراراً وطرقاً وقواعد في إطار كل منهم تحصنهم من تناول الفواكه والخضروات والأطعمة الملوثة بالمواد الكيماوية وكذلك القات فيقتطع صاحب المزرعة أجزاء منها لا ترش أشجارها بالمبيدات بما فيها القات وإن كان هذا العدو الشرس قد سيطر على العقول وليس بمقدور المدنيين الانتظار لأشجارهم الخاصة تلك فيشترون حاجتهم منه وإن كانت المبيدات ظاهرة في أوراقه. الإنسان هنا عدو نفسه ولا أظن أنه سيرحمها ويفكر بمستقبل أسرته الصغيرة ومجتمعه الكبير ولو بعد مئة سنة إذا قدر له أن يتعمر هذا العمر بمشيئة الله ليكون آية عندما ينتهي ويقول الناس عنه إنه كان طاغية مثل فرعون أضل الناس وجنى على حياته وحياة الآخرين ولم يقل في يوم من الأيام أن المسئولية والأمانة تقتضي إتباع الحق والمنطق والتفكير السليم.