لا أعتقد أن أحداً مهما كان انتماؤه السياسي يفرط في ثوابت الوطن , إلا إذا كان ذلك الإنسان قد باع ضميره للشيطان ووضع نفسه في مستنقع الارتهان السياسي وتجرّد من قيمه ومبادئه , وتخلى عن هويته الوطنية. وقد اثبتت الأحداث السياسية عبر مراحل التاريخ السياسي للإنسان اليمني أن الوطن عقيدة وحياة لايستطيع الحياة بدون ذلك الحب والتقديس ,وقد قدم لنا التاريخ نماذج من المكافحين النبلاء الذين ذاقوا صنوفاً من العذاب وبالرغم من ذلك لم يتنازلوا عن حبهم لليمن ,وظل هذا الحب زادهم الذي يتزودون به عند الشدائد.. وظل حب الوطن الأريج الذي يستنشقونه في أحلك الظلمات ,وتحول هذا الحب إلى قوة إيمانية لاتقهرها قوة مهما كان جبروتها وعدوانها , بل إن حب الوطن بات القوة المعنوية التي صمدت في وجه القهر والاذلال في عهد الإمامة والاستعمار البريطاني ,وهو القوة التي حررت اليمنيين من الكهنوت والاستعمار ,وهو القوة المعنوية التي قادت اليمنيين إلى النضال دون كلل أو ملل من أجل الوصول إلى إعادة وحدة شطري اليمن في 22 مايو 90م. إذا كان حب الوطن من الإيمان فإن أهل اليمن هم أهل الإيمان والحكمة ,وإن إيمانهم بالله رباً ,وبمحمد نبياً وبالإسلام ديناً وبالقرآن كتاباً ودستوراً فهم يرون بأن إيمانهم بذلك كله لايكتمل إلا إذا اقترن ذلك الإيمان بحب اليمن ,لأن اجسادهم نمت من ترابه وشربوا ماءه ,واستنشقوا هواءه وافترشوا أرضه والتحفوا سماءه ,ويرى الوطنيون الشرفاء إذا أحس إنسان اليمن بضعف حبه للوطن فإن عليه أن يراجع نفسه ليتعرف عن سبب ذلك وسيجد أنه قد قصر في إيمانه بالله لأن حب الوطن مقترن بالإيمان بالله ,وأي قصور أو ضعف في ذلك ينبغي العودة إلى الله سبحانه وتعالى ,ولذلك فإن حب الوطن مقياس عملي على مدى إيمان المرء بالله سبحانه وتعالى ,وقد قلنا من قبل بأن التخلي عن الوطن تخل عن العقيدة وأن الدفاع عن الوطن دفاع عن العقيدة. ولئن كان أعداء الوطن يحاولون الدخول إلى الشباب من هذا الجانب فإن على الخيرين أن يدركوا بأن التربية الدينية ينبغي أن تعزز حب الوطن في نفوس النشء وينبغي ترسيخ قيم الوفاء للوطن والدفاع عنه بكل غالٍ ونفيس وهو المنهج التربوي الذي ينبغي أن يسود في مختلف المراحل الدراسية ,ولايجوز اغفال هذا الجانب ,لأنه الحصانة الأكيدة التي تحفظ الأجيال موحدة الفكر والعقيدة والوطن وذلك ما ننشده بإذن الله.