تخلّى العرب طواعية عن كامل المُقدمات التي تصلهم بإفريقيا، وشهدنا تراجعاً حاداً طوال حقبة ما بعد الناصرية في مصر، والشاهد أن مصراً على عهد الرئيس عبد الناصر كانت حاضرة بصورة أساسية في العمق الإفريقي، سواء من خلال البعثات الأزهرية الدينية التي مثّلت ركناً ركيناً في التعليم الديني لعشرات البلدان الإفريقية، أيضاً من خلال البعثات الدراسية التي نقلت التعليم العام من مصر إلى أكثر من بلد إفريقي. بالإضافة إلى استيعاب مئات آلاف الدارسين في المعاهد والجامعات المصرية، الأمر الذي جعل التعريب ظاهرة لافتة في تلك البلدان، وكان هذا الأمر متناسباً مع المزاج العام لتلك الشعوب التي لم تكن العربية والإسلام أمراً طارئاً على حياتها. على خط متصل بذلت المملكة العربية السعودية جهداً موازياً في إنشاء ورعاية المعاهد الدينية، وقدّمت الكثير من الخدمات والمساعدات الملموسة للبلدان الإفريقية الفقيرة مما كان له أثر مؤكد على التقارب العربي الأفريقي . ومع تتابع الهزائم والإخفاقات لم ينحسر الحضور العربي في تلك البلدان فحسب، بل سعت إسرائيل إلى أن تحل محل العرب، ولكن دون قابلية أساسية في الثقافة الشعبية الأفريكانية المتأبية حصراً على استيعاب المشاريع الغامضة للصهيونية السياسية الدولية.