من خلال متابعة حثيثة لفضاء العربية خارج إطار دول الجامعة العربية تأكد لي بما لايدع مجالاً للشك بأن هذا الفضاء يتسع ليشمل مناطق وبلداناً بكاملها ، وبالمقابل تعتمد اللهجات السائدة في تلك المناطق على واحدية العربية قاموساً ونحواً وصرفاً ، الأمر الذي يستدعي من العرب المنضوين في إطار منتداهم الفولكلوري بالجامعة العربية إلى إعادة النظر في مفهوم العروبة، بل تعريب هذه العروبة، استناداً إلى اللغة ، واللغة فحسب. فالعرب العاربة، والعرب المستعربة، تجمعهم هذه الهوية اللغوية التي استدعت فضاءات ثقافتها النوعية من خلال الإسلام بتنويعات الإجتهادات ، وتنوع الفرق ، فكان التقاطع مع ثقافات الشعوب المختلفة أصلاً أصيلاً في ما آلت إليه العروبة تاريخياً . هنا أود تسجيل بعض الحقائق اللغوية غير المعروفة، وربما المنكورة من قبل المقيمين في خيمة العرب التقليدية بالجامعة، ومن هذه الحقائق أن العربية الأفريكانية تنتشر على نطاق واسع في تشاد وجنوب السودان وتنزانيا وكينيا وإريتريا والسنغال ومالي ونيجيريا ، وبالمقابل تتقاطع عائلة اللغات الكوشيتية والسواحلية مع العربية تقاطعاً يكاد يرقى إلى مستوى التماهي الإيجابي مع عربية القرآن الكريم. ، مما لسنا بصدد تفصيله هنا . يبقى العمق الآسيوي المقرون بالدين الإسلامي، ابتداءً من إيران، مروراً بأفغانستان ، وحتى إندونيسيا وماليزيا، حيث تشكل العربية لغة النخبة الثقافية الدينية ، وتأخذ مداها الخاص في المساجد وما يتصل بها من تعليم ديني لغوي. أقول هذا الكلام بمناسبة التجاهل المخل للثقافات المجاورة لنا والتي نتعمد إغفالها، لنؤكد مرة أخرى أننا أبعد ما نكون عن الجغرافيا الثقافية العربية الحقيقية . [email protected]