إن من نعم الوحدة علينا أنها فتحت الباب على مصراعيه للتعبير عن الرأي بكل حرية خصوصاً مع الانفراج السياسي لتعدد التوجهات السياسية في إطار التكتلات والكيانات الحزبية. لكن فضاءات الحرية أوجدت أساليب متعددة في التعبير منها، مايستند على مطالب حقيقية وبعضها تنم عن مطالب غير حقيقية ولها في ذلك مآرب أخرى، والمتابع لكثير من هذه الممارسات ومن تلك المظاهرات التي تخرج إلى الشارع في بعض المحافظات الجنوبية والشرقية لاشك وأنه سيحكم عليها بالغوغائية التي دائماً ما تضر ولاتفيد لأسباب عديدة، أبرزها عدم قانونيتها من حيث المبدأ خصوصاً وأن المبدأ القانوني قد جاء صريحاً في هذا الصدد، حيث أعطى الحق الذي لا لبس فيه في تنظيم المظاهرات السلمية سواء كانت لأحزاب أو منظمات جماهيرية أو نقابية وذلك بشرط أن لايتعارض ذلك مع الدستور والقوانين النافذة، الأمر الذي يفهم منه أن تنظيم أية مظاهرة أو مسيرة سلمية يجب أن تكون بناءً على بلاغ خطي للجهة المختصة في وقت مبكر بحيث لايقل عن ثلاثة أيام من وقت المظاهرة أو المسيرة.. وهو أسلوب حضاري اتخذته كثير من الأنظمة السياسية وذلك لاعتبارات أمنية واحترازية منها على سبيل المثال المحافظة على المال العام والأموال الخاصة والأرواح مثلما حصل في مظاهرات 2005م،حيث تكبدت الدولة أموالاً طائلة وكلها على حساب المواطن والتي كان يفترض صرف هذه الأموال على جهود وخطط التنمية إضافة إلى ما حصل من عبث بممتلكات المواطنين.. لأن البعض لا يفهم من المظاهرات ولا ينظر إليها إلا من منظور سلبي وهو فهم خاطئ والنتيجة من وراء ذلك سقوط قتيل هنا أو هناك أو جرحى وذلك لأن المظاهرات التي لاتثمر سوى التدمير والتخريب للمال العام والخاص وإزهاق الأرواح هي مظاهرات عبثية ويجب على الدولة أن تقوم بواجبها ابتداء بمنعها أولاً والضرب بيد من حديد لكل من يخرج عن النظام والقانون خصوصاً إذا تضمنت المظاهرة الخطب والهتافات التي تدعو إلى الفتنة والفرقة وهو مالم يمكن السكوت عليه وهنا يأتي دور قانون تنظيم المظاهرات والمسيرات ليضع حداً عقابياً مناسباً لكل من وقع في الفهم الخاطئ لهذه الممارسات الحضارية في التعبير عن الرأي.