الإرهاب هو وجه الإنسان البشع، وهو ليس وسيلة كما يعتقد الكثيرون ولكنه التوحش الذي جُبلت عليه الوحوش البشرية لا لشيء سوى لإشباع غريزة الفكر والسلوك الشريرين تجسدت في صورة إنسان أجمل ما فيه من قبح الآدمية بشاعته، فهل البشاعة المقبوحة تقود صاحبها إلى مرتبة الجمال؟ ومتى كان سلوك طريق الشر وسيلة للوصول إلى حدائق الخير ونعيم الفضيلة؟ وإذن!!أليس من المنطق أن نتعامل مع المصطلح “الإرهاب”كمرادف معنوي للمسمى “إنسان” في أبشع صوره؟ ولِمَ لا؟ وما نراه ونلمسه وتتأذى منه الحياة هو الإرهاب الإنسان الذي يمشي على الأرض ويشارك بقية أبناء الإنسان كافة صفاتهم وملامحهم التكوينية ولكنهم لا يشاركونه وحشيته وبشاعته التي تتملكه روحاً وفكراً وسلوكاً منذ نعومة تأرهبه حتى صار إرهابياً.. فهو كالحيوان الذي يشارك بقية الحيوانات في الغابة في كل الصفات وفي البيئة أيضاً التي ينعم بسكناها الجميع ولكن!! لأنه جُبل على القتل وسفك الدماء وإقلاق السكينة العامة لسكان بيئته لا لشيء سوى إشباع غريزة التوحش فيه لأنه كذلك فإنه لا يتورع عن فعل أي شيء يتنافى مع طبيعة التعايش السلمي بين الكائنات دون مراعاة لأبسط حقوق الآخرين داخل البيئة الحياتية المشتركة. لهذا فإننا نطلق على “الوحش” ألفاظاً ومسميات شتى كالرعب الموت القتل..الخ بمعنى أوضح أن ( القاتل هو القتل نفسه والمخرب هو التخريب نفسه والخارج عن القانون هو الفوضى نفسها...وبالمثل في مصطلح “الإرهاب” الذي هو “الإرهابي” وليس هذا الأخير إلا الإنسان وبالتالي ووفق واحدية الجرم يصبح الإرهاب هو الإنسان في أبشع صوره.. وهذا بالطبع ليس معناه أن كل إنسان إرهاباً أو إرهابياً وإنما كل إرهابي إنسان وهذا ما يجعلنا نجزم القول: بوصولنا إلى النتيجة المنطقية التي يتوحد في إطارها الكائن الوحش والإنسان الإرهاب ليصبح كلاهما وجهين لمكون واحد هو “الإرهابي” وهنا فقط ينجح الحيوان الوحش في السقوط بآدمية الإنسان إلى مرتبة التوحش....وبالسؤال عما يحمله الفكر الإرهابي من غايات نجد الجواب واضحاً في تجليات الوحشية المفرطة التي يزهو ويتفاخر بها المتوحشون بغير ما هدف سوى أنه هكذا وعلى شاكلته الإرهابي الذي لا فكر له ولا هدف فمثله كمثل عجل السامري تنفخ فيه رياح السوء فيعلو منه دوي المتفجرات التي هي زاده الذي لا يغني ولا يسمن من جوع أما الدماء البريئة التي يسفكها هنا وهناك فإنها كما يتوهم شرابه الذي يروي عطش الشر فيه وهو في الحقيقة لا يشرب سوى ماء وجهه القبيح ولا يقتات سوى آدميته التي يفقدها رويداً رويداً مع كل جريمة يرتكبها فتصبح إرهاباً في مبناها وفي معناها...وهذا ما هو واضح للعيان...قال الله سبحانه وتعالى على لسان نبيه نوح عليه السلام (ولا يلدُ إلا فاجراً كفارا) ألا تجسد هذه الآية القرآنية الكريمة معاني الفجور الكفر في صورة إنسانها القبيح بالتناسل وكأنه أي الإنسان المراد لا يلد إنساناً سوياً وإنما يلد الفجور نفسه والكفر نفسه وليس الإرهاب في حياتنا المعاصرة إلا الامتداد القبيح لكل رذائل الكفر والفجور والحقد على الإنسانية والفضيلة..نخلص من كل ما سبق إلى أن ما تعانيه بلادنا الغالية من أعمال عنف وتخريب وإرهاب إنما يجسد صورة الشر والحقد لدى بعض المجرمين فاقدي القيم الدينية والإنسانية وبالتالي يجب التعامل معهم بصورة رادعة وغير متهاونة أو رحيمة لأن من لا يرحم لا يُرحم..ولعل ما حدث مؤخراً في مدينة “عدن” الجميلة والآمنة والوديعة إنما هو عبث فوضوي بجماليات نعشقها في مدننا اليمنية ووحشية تسيء بلا هدف إلى أبناء شعبنا وإلى وطننا وكأن مرتكبي هذه الجرائم لا يرون أنفسهم وهكذا هم إلا وحوشاً ضارية، ولا يعتبرون ديارنا وحقولنا وشوارعنا ومنجزاتنا الخدمية والتنموية وبشرنا وسماءنا وأرضنا..الخ لا يعتبرون كل هذا سوى غابة واسعة وهكذا هم يعيشون الحياة..ودعوني أسأل: ما الهدف من قتل الأبرياء؟ماهي الغاية من تفجير أنبوب نفط أو برج كهرباء؟ إذا كان مثل هذا السلوك يخدم الوطن والمواطنين فأي مستقبل مزدهر لهذا الوطن والمواطن الذي يقوم على جثث الأبرياء وهدم البنى التحتية للحياة؟إننا بقدر ما نحترم ونقدّر الجهود الوطنية الكبرى التي تبذلها الأجهزة الأمنية لمكافحة الإرهاب حفاظاً على أمن الوطن الغالي وشعبنا الأغلى...بقدر ما نشد على أيديهم بمضاعفة الجهود في مكافحة ومحاربة الإرهاب لأجل استئصال شأفته وهذا لن يكون إلا بالضرب بيد من حديد على كل من تسوّل له نفسه الشريرة العبث بحياتنا والإساءة إلى صورة وطننا وسمعة مواطنينا أمام الشعوب...وخاصة في “عدن” التي تتهيأ لاستضافة المهرجان الكروي “خليجي 20”لكرة القدم.